.................................................................................................
______________________________________________________
أن يقال : لا شكّ في أنّ للقصد مدخلاً في اختصاص البسملة بالسورة من بين سائر ما صلحت له من السوَر كما حكموا بحرمة قراءة البسملة بقصد العزيمة على الجنب وبحرمة العدول عن التوحيد إذا قرأها بقصدها في الصلاة ، وعلى هذا فإن قصد الجنب بالبسملة عزيمة فقد فعل حراماً ، فإذا قرأ بعد هذه البسملة التوحيد مثلاً فلا يخلو من وجوه ثلاثة ، أحدها : انّ هذا الاتصال قد صيّرها جزء من سورة التوحيد وسلبها عمّا كانت عليه من كونها جزءً من العزيمة ، وهو باطل قطعاً. الثاني : أن يكون هذه البسملة الواحدة صارت جزءً من العزيمة باعتبار القصد ومن التوحيد باعتبار الاتصال ، وهذا باطل أيضاً إذ لا معنى لكون الآية بعد تقضيها وانعدامها غير نفسها ، مضافاً إلى أصل عدم التداخل. وأمّا ما اعتمدوا عليه من الصدق العرفي فله وجهان ، أحدهما : أنّه لا يحكم بذلك إلّا عند ظهور القصد. وثانيهما : أنّ ذلك بطريق المجاز بمعنى عدم الإخلال فيها من جهة لفظها ، ألا ترى أنّ العرف لا يحكم فيما ذكرنا انّه قرأ التوحيد كاملةً وقرأ آيةً من غيرها. ولمّا تبيّن أنّ الاتصال من حيث هو اتصال لا تأثير له وكذا البسملة من حيث هي ليس فيها إلّا عموم الصلاحية لكلّ سورة ظهر الاحتياج إلى القصد (١) الذي لا شكّ في تأثيره وصيرورة البسملة بسببه مختصّة ببعض السوَر وإن لم يأت بشيء منها بعدها ، على أنه يكفينا الشكّ في تأثير الاتصال لمكان الشغل اليقيني بالإكمال.
وقال شيخنا العلّامة المعتبر أدام الله تعالى حراسته (٢) : التحقيق في المقام أن يقال انّه لا بدّ من القصد الإجمالي بمعنى انّه لا يكفي مجرّد الاتصال ولا يشترط قصد السورة وتعيينها بالخصوص بل تكفي البسملة بقصد أنّ ما سيختاره ويوقعه الله في خلده من السوَر يعيّنها ، لأنّه قاصد قراءة سورة جزماً فتتعيّن حينئذٍ البسملة
__________________
(١) وهو الوجه الثالث.
(٢) الظاهر أنّ المراد منه هو الشيخ الأكبر الشيخ جعفر رحمهالله ولم نجده في كشف الغطاء ، وليس بأيدينا غيره من كتبه.