وثمانين برشة (١) مشحونة بالرجال والسلاح ، فقاتلهم الشريف بنفسه ، وترك الحج ، ونزل إلى جدة في جيش عظيم بعد أن أمر بالنداء في نواحي مكة المشرفة : «من صحبنا فله أجر الجهاد ، وعلينا السلاح والنفقة».
فبلغ أهل الجهاد مبلغا عظيما ، لا يعد ولا يحد ، ونفقة مولانا شاملة للجميع ، وعيون الكفار تدور عليهم كل حين فتشاهدهم (٢) يزيدون عددا وعددا وعيشا رغدا ، وخدام مولانا المشار إليه يتوجهون إلى أطراف البلاد ، ويحضرون بأنواع الطعام بأغلى ثمن ، حتى فرغت (٣) الحبوب ، وكادت تعدم ، فدخروها للخيل ، وأقبلوا على نحر الابل ، فكان مولانا يأمر بأن ينحر لكل مائة نفس بدنة ناقة أو بعير.
واستمر ذلك مدة ، فقال له بعض الناس :
إن هذا الفعل يستأصل ما عندك من الابل ، فأجابه : «بأني نويت أنحر / ما أملكه ، ويملكه (٤) أولادي وأحفادي ، فإذا نفدت الابل نحرت الخيل ، ثم كل حيوان يجوز أكله».
فلما قرب زمن الحج برز أمره إلى ابنه الشريف أحمد بن أبي نمي أن
__________________
مكة ٣٤٧ ، البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٣ / ٢٣٤.
(١) نوع من أنواع السفن الحربية على ما يظهر من السياق ، ولم أعثر على تعريف لها.
(٢) في (أ) «فنشاهدهم» ، وفي (د) «فشاهدهم» ، والاثبات من (ج).
(٣) في (ج) «فرقت».
(٤) سقطت من (ج).