ثم قال : وشعره كثير يتصف بالإجادة وضدها ، فمن مطوّلاته قوله : [بحر البسيط]
لا تعذلاه فما ذو الحب معذول |
|
العقل مختبل والقلب متبول |
هزت له أسمرا من خوط قامتها |
|
فما انثنى الصلب إلا وهو مقتول |
جميلة فصّل الحسن البديع لها |
|
فكم لها جمل منه وتفصيل |
فالنحر مرمرة ، والنشر عنبرة ، |
|
والثغر جوهرة ، والريق معسول |
والطرف ذو غنج ، والعرف ذو أرج |
|
والخصر مختطف ، والمتن مجدول |
هيفاء ينطق في الخصر الوشاح لها |
|
درماء تخرس في الساق الخلاخيل (١) |
من اللواتي غذاهنّ النعيم فما |
|
يشقين ، آباؤها الصّيد البهاليل (٢) |
إلى أن قال : وقوله : [بحر الكامل]
نور بخدّك أم توقّد نار |
|
وضنى بجفنك أم فتور عقار (٣) |
وشذا بريقك أم تأرّج مسكة |
|
وسنى بثغرك أم شعاع دراري |
جمعت معاني الحس فيك فقد غدت |
|
قيد القلوب وفتنة الأبصار |
متصاون خفرا إذا ناطقته |
|
أغضى حياء في سكون وقار |
في وجهه زهرات روض تجتلى |
|
من نرجس مع وردة وبهار |
خاف اقتطاف الورد من وجناتها |
|
فأدار من آس سياج عذار |
وتسللت نمل العذار بخده |
|
ليردن شهدة ريقه المعطار |
وبخده نار حمته وردها |
|
فوقفن بين الورد والإصدار |
كم ذا أداري في هواه محبّتي |
|
ولقد وشى بي فيه فرط أواري (٤) |
وقال ابن رشيد : حدثنا أبو حيان قال : حدثنا التاجر أبو عبد الله البرجوني بمدينة عيذاب من بلاد السودان ، وبرجونة قرية من قرى دار السلام ، قال : كنت بجامع لو لم من بلاد الهند ومعنا رجل مغربي اسمه يونس ، فقال لي : اذكر لنا شيئا ، فقلت له : قال علي رضي الله تعالى عنه : «إذا وضع الإحسان في الكريم أثمر خيرا ، وإذا وضع في اللئيم أثمر شرا ، كالغيث يقع
__________________
(١) في أ : «يستن» وقد أثبتنا ما في ب ، ه.
(٢) البهاليل : جمع بهلول ، وهو السيد الجامع لصفات الخير.
(٣) العقار : الخمرة.
(٤) الأوار : حر النار.