وكتب رحمه الله تعالى يخاطب أهله من مدينة تونس : [بحر الخفيف]
حي حيّي بالله يا ريح نجد |
|
وتحمّل عظيم شوقي ووجدي |
وإذا ما بثثت حالي فبلّغ |
|
من سلامي لهم على قدر ودّي |
ما تناسيتهم وهل في مغيبي |
|
قد نسوني على تطاول بعدي (١) |
بي شوق إليهم ليس يعزى |
|
لجميل ولا لسكان نجد (٢) |
يا نسيم الصّبا إذا جئت قوما |
|
ملئت أرضهم بشيح ورند (٣) |
فتلطف عند المرور عليهم |
|
وحقوقا لهم عليّ فأدّ |
قل لهم قد غدوت من وجدهم في |
|
حال شوق لكل رند وزند |
وإن استفسروا حديثي فإني |
|
باعتناء الإله بلّغت قصدي |
فله الحسد إذ حباني بلطف |
|
عنده قلّ كلّ شكر وحمد |
وافتتح مخاطبته لأخيه الأكبر أبي إسحاق إبراهيم بقصيدة أولها : [بحر الكامل]
ذكر اللّوى شوقا إلى أقماره |
|
فقضى أسى أو كاد من تذكاره |
وعلا زفير حريق نار ضلوعه |
|
فرمى على وجناته بشراره |
لو كنت تبصر خطه في خده |
|
لقرأت سر الوجد من أسطاره |
يا عاذليه أقصروا فلشدّ ما |
|
أفضى عتابكم إلى إضراره (٤) |
إن لم تعينوه على برحائه |
|
لا تنكروا بالله خلع عذاره (٥) |
ما كان أكتمه لأسرار الهوى |
|
لو أن جند الصبر من أنصاره |
ما ذنبه والبين قطّع قلبه |
|
أسفا وأذكى النار في أعشاره |
بخل اللوى بالساكنيه وطيفهم |
|
وحديثه ونسيمه ومزاره |
يا برق خذ دمعي وعرج باللوى |
|
فاسفحه في باناته وعراره |
وإذا لقيت بها الذي بإخائه |
|
ألقى خطوب الدهر أو بجواره |
__________________
(١) في أ : «هم نسوني».
(٢) أراد جميل بن معمر صاحب بثينة.
(٣) الشيح : نبات طيب الرائحة. والرند : شجر صغير طيب الرائحة.
(٤) في أ ، وفي الإحاطة : «فلربما أفضى».
(٥) البرحاء : الشدة.