قال : وفيه استخدام ، لأن البين يطلق على البعد والقرب ، انتهى.
ومن نظمه أيضا رحمه الله تعالى : [بحر الكامل]
ومورد الوجنات دبّ عذاره |
|
فكأنه خط على قرطاس |
لما رأيت عذاره مستعجلا |
|
قد رام يخفي الورد منه بآس |
ناديته قف لي أودع ورده |
|
(ما في وقوفك ساعة من باس) (١) |
وهذا المعنى قد تبارى فيه الشعراء وتسابقوا في مضماره ، فمنهم من جلى وبرز ، وحاز خصل السبق وأحرز ، ومنهم من كان مصليا ، ومنهم من غدا لجيد الإحسان محليا ، ومنهم من عاد قبل الغاية موليا.
رجع ـ ومن تأليفه رحمه الله تعالى شرحه لبديعية رفيقه ابن جابر المذكور ، وقال في خطبته : ولما كانت القصيدة المنظومة في علم البديع المسماة «بالحلة السيرا في مدح خير الورى» التي أنشأها صاحبنا العلامة (٢) شمس الدين أبو عبد الله بن جابر الأندلسي ، نادرة في فنها ، فريدة في حسنها ، تجنى (٣) ثمر البلاغة من غصنها ، وتنهل سواكب الإجادة من مزنها (٤) ، لم ينسج على منوالها ، ولا سمحت قريحة بمثالها ، رأيت أن أضع لها شرحا يجلو عرائس معانيها لمعانيها ، ويبدي غرائب ما فيها لموافيها ، لا أملّ الناظر فيه بالتطويل ، ولا أعوقه بكثرة الاختصار عن مدارك التحصيل ، فخير الأمور أوسطها ، والغرض ما يقرب المقاصد ويضبطها ، فأعرب من ألفاظها كل خفي ، وأسكت من لغاتها عن كل جلي ، والله أسأل أن يبلغنا ما قصدناه ، ويوردنا أحسن الموارد فيما أردناه ، انتهى ، وسمي الشرح المذكور «طراز الحلة ، وشفاء الغلة» (٥) ومما أورده رحمه الله تعالى في ذلك الشرح من نظم نفسه قوله : [بحر السريع]
طيبة ما أطيبها منزلا |
|
سقى ثراها المطر الصيب |
طابت بمن حل بأرجائها |
|
فالترب منها عنبر طيب |
يا طيب عيشي عند ذكري لها |
|
والعيش في ذاك الحمى أطيب |
__________________
(١) عجز هذا البيت من شعر أبي تمام الطائي.
(٢) في ب : «صاحبنا الإمام العلامة».
(٣) في ب : «يجنى ثمر» ...
(٤) المزن : جمع مزنة ، وهي السحابة الممطرة.
(٥) الغلّة : شدة العطش.