وقول الآخر : [الكامل]
قد قال وادي جلق للنيل إذ |
|
كسروه أعين جبهتي لك ترفع |
فأجاب بحر النيل لما أن طغى |
|
عندي مقابل كل عين أصبع |
وقد تذكرت هنا قول بعضهم :
ما ذا يفيد المعنّى |
|
من الأذى المتتابع |
بمصر ذات الأيادي |
|
ونيلها ذي الأصابع |
وقد شاع الخلاف قديما وحديثا في المفاضلة بين مصر والشام ، وقد قال بعضهم : [مجزوء الرجز]
في حلب وشامنا |
|
ومصر طال اللغط |
فقلت قول منصف |
|
خير الأمور الوسط |
وأما قول بعضهم : [بحر المتقارب]
تجنّب دمشق ولا تأتها |
|
وإن راقك الجامع الجامع |
فسوق الفسوق بها قائم |
|
وفجر الفجور بها طالع |
فلا يلتفت إليه ، ولا يعول عليه ، إذ هو مجرد دعوى خالية عن الدليل ، وهي من نزعات بعض الهجائين الذين يعمدون إلى تقبيح الحسن الجميل الجليل.
وما زالت الأشراف تهجى وتمدح (١) ولا يقابل ألف مثن عدل بفاسق يقدح : [بحر الطويل]
وفي تعب من يحسد الشمس نورها |
|
ويأمل أن يأتى لها بضريب (٢) |
وأخف من هذا قول بعض الأندلسيين ، وهو الكاتب أبو بكر محمد بن قاسم : [بحر الوافر]
دمشق جنة الدنيا حقيقا |
|
ولكن ليس تصلح للغريب |
بها قوم لهم عدد ومجد |
|
وصحبتهم تؤول إلى الحروب |
ترى أنهارهم ذات ابتسام |
|
وأوجههم تولّع بالقطوب |
__________________
(١) هذا عجز بيت. وصدره : هجوت زهيرا ثم إني مدحته.
(٢) البيت للمتنبي من قصيدة يعزي فيها سيف الدولة.