قال : ورأيت تأليفا لرجل منهم يعرف بحبيب ترجمه بكتاب «الاستظهار والمغالبة ، على من أنكر فضائل الصقالبة» وذكر فيه جملة من أشعارهم وأخبارهم ونوادرهم.
وقال ابن بسام وغيره : ومن عجائب ما جرى لصاعد أنه أهدى أيّلا (١) إلى المنصور ، وكتب على يد موصله : [بحر الكامل]
يا حرز كلّ مخوّف وأمان كلّ مشرّد ومعزّ كلّ مذلّل (٢)
يا سلك كلّ فضيلة ونظام كلّ جزيلة وثراء كلّ معيّل
ومنها :
ما إن رأت عيني وعلمك شاهد |
|
جدوى علائك في معمّ مخول (٣) |
ومنها :
وأبي مؤانس غربتي وتحفّظي |
|
من صفر أيامي ومن مستعملي (٤) |
عبد جذبت بضبعه ورفعت من |
|
مقداره أهدى إليك بأيّل |
سمّيته غرسيّة وبعثته |
|
في حبله ليصحّ فيه تفاؤلي |
فلئن قبلت فتلك أنفس منّة |
|
أهدى بها ذو منحة وتطول |
منحتك غادية السرور بعزّة |
|
وحللت أوجا بالسحاب المخضل (٥) |
فقضي في سابق علم الله سبحانه وتعالى أنّ ملك الروم غرسية (٦) أسر في ذلك اليوم بعينه الذي بعث فيه بالأيّل ، وسمّاه باسمه على التفاؤل ، انتهى.
وكان غرسية أمنع من النجم ، وسبب أخذه أنه خرج يتصيّد ، فلقيته خيل للمنصور من غير قصد ، فأسرته وجاءته به ، فكان هذا الاتفاق مما عظم به العجب.
ولنورد (٧) أخبار صاعد فنقول : حكي أنّ المنصور قال بسبب هذه القضية : إنه لم يتّفق
__________________
(١) الايل : الوعل الذكر.
(٢) الحرز : المأمن.
(٣) في ب : «شروى». الجدوى : العطاء. والمعمم : الكريم العمومة. والمخول : الكريم الخؤولة.
(٤) في ب : «ومستعملي» وزيادة الواو خطأ بيّن.
(٥) في ب ، وفي الجذوة :
صبحتك غادية السرور وجلّلت |
|
أرجاء ربعك بالسحاب المخضل |
(٦) هو غرسية بن شابخة ، انظر قصة أسره في الذخيرة ٤ / ١٧١.
(٧) في ب : «ولنرد».