ثناني نشوان حتى غرق |
|
ت في لجّة البركة المطبقه (١) |
لئن ظلّ عبدك فيها الغريق |
|
فجودك من قبلها أغرقه (٢) |
فقال له المنصور : لله درّك يا أبا مروان! قسناك بأهل بغداد ففضلتهم (٣) ، فبمن نقيسك بعد؟ انتهى.
وقال في الذخيرة في ترجمة صاعد (٤) : وفد على المنصور نجما من المشرق غرّب ، ولسانا عن العرب أعرب ، وأراد المنصور أن يقفي به آثار أبي علي القالي فألفى سيفه كهاما (٥) ، وسحابه جهاما ، من رجل يتكلّم بملء فيه ، ولا يوثق بكلّ ما يذره ولا ما يأتيه ، انتهى باختصار.
وأصل صاعد من ديار الموصل ، وقال ارتجالا وقد عبث المنصور بترنجان : [بحر البسيط]
لم أدر قبل ترنجان عبثت به |
|
أنّ الزّمرّد أغصان وأوراق |
من طيبه سرق الأترجّ نكهته |
|
يا قوم حتى من الأشجار سرّاق |
كأنما الحاجب المنصور علّمه |
|
فعل الجميل فطابت منه أخلاق |
وقدّمه الحجاري بقوله : [بحر البسيط]
كأن إبريقنا والراح في فمه |
|
طير تناول ياقوتا بمنقار |
وقبله : [بحر البسيط]
وقهوة من فم الإبريق صافية |
|
كدمع مفجوعة بالإلف معبار (٦) |
وقال في بدائع البداءة : دخل صاعد اللغوي على بعض أصحابه في مجلس شراب ، فملأ الساقي قدحا من إبريق ، فبقيت على فم الإبريق نقطة من الراح قد تكوّنت ولم تقطر ، فاقترح عليه الحاضرون وصف ذلك فقال : [بحر البسيط]
وقهوة من فم الإبريق ساكبة
البيتين.
__________________
(١) في الذخيرة : «ثنائي نشوان حتى هويت». والنشوان : السكران.
(٢) في الذخيرة : «فجودك من قبل ذا أغرقه».
(٣) فضله : كان أفضل منه.
(٤) انظر الذخيرة ٤ / ١ : ٢.
(٥) سيف كهام : غير قاطع. ورجل كهام : عيي كليل. وفرس كهام : بطيء.
(٦) الإلف : الحبيب والصاحب. والمعبار : اكثير العبرات.