الفضل السني ، الخل الأعز الأجل التاج المحاسني ، مشتملا على عقود الجواهر ، بل النجوم الزواهر ، بل الآيات البواهر ، تكاد تقطر البلاغة من حواشيه (١) ، ويشهد بالوصول إلى طرفها الأعلى لموشّيه ، فليت شعري بأي لسان ، أثنى على فصوله الحسان ، العالية الشان ، الغالية الأثمان ، التي هي أنفس من قلائد العقيان ، وأبدع من مقامات بديع الزمان ، فطفقت أرتع من معانيها في أمتع رياض ، وأقطع بأنّ في منشئها اعتياضا لهذا العصر عن عياض : [بحر البسيط]
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها |
|
عقود مدح فلا أرضى لها كلمي (٢) |
ولا سيما فصل التعزية والتسلية ، المشتمل على عقد التخلية بل عقود التحلية ، لتلميذكم الولد إبراهيم ، فإنه كان له كرقية السليم ، بعد أن كاد يهيم ، فجاء ولله دره في أحسن المحال ، ووقع الموقع حتى كأن الولد نشط ببركته من عقال : [بحر الرمل]
وإذا الشيء أتى في وقته |
|
زاد في العين جمالا لجمال |
فجزاكم الله تعالى عنا أحسن الجزاء ، ثم أحسن لكم جميل العزاء ، فيمن ذكرتم من كريمتي الأصل والفرع ، وأبقى منكم ماكنا في الأرض من به للناس أعم النفع ، وأما من كان وليي وسميي ومنجدي ، الشهيد السعيد المرحوم الشيخ عبد الرحمن المرشدي ، فإنها وإن أصابت منا ومنكم الأخوين ، فقد عمّت الحرمين ، بل طمت الثقلين ، ولقد عدّ مصابه في الإسلام ثلمة ، وفقد به في حرم الله تعالى من كان يدعى للملمة ، ولم يبق بعده إلا من يدعى إذا يحاس الحيس (٣) ، واستحق أن ينشد في حقه وإن لم يقس به قيس : [بحر الطويل]
وما كان قيس هلكه هلك واحد |
|
ولكنه بنيان قوم تهدما (٤) |
فالله تعالى يرفع درجاته في علّيين ، ويبقى وجودكم للإسلام والمسلمين ، وتلامذتكم الأولاد ، يرجون من بركات أدعيتكم أعظم الأمداد ، ويهدون أكمل التحية ، إلى حضرتكم العلية ، ونبلغكم دعاء صاحب السعادة ، أدام الله تعالى إسعادكم وإسعاده ، ونحن من صحبته
__________________
(١) في ه : «حوايته» محرفا.
(٢) هذا البيت للفقيه عمارة اليمني من قصيدة يمدح بها الفائز الفاطمي بن الظافر ووزيره الملك الصالح طلائع بن رزيك ومطلعها :
الحمد للعيس بعد العزم والهم |
|
حمدا يقوم بما أولت به النعم |
(٣) أخذ هذه الفقرة من بيت ينسب إلى هني بن أحمر الباهلي ، وإلى زرافة الباهلي ، وإلى غيرهما من الجاهليين ، وهو :
وإذا تكون كريهة أدى لها |
|
وإذا يحاس الحيس يدعى جندب |
(٤) هذا البيت في رثاء قيس بن عاصم المنقري.