وأقول : الذي ينصب المفعول به واحد من أربعة : الفعل المتعدّى ، ووصفه (١) ، ومصدره ، واسم فعله ؛ فالفعل المتعدى نحو : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) [النمل ، ١٦] ووصفه نحو : (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) [الطلاق ، ٣] ومصدره نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) [البقرة ، ٢٥١ والحج ، ٤٠] واسم فعله نحو : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) [المائدة ، ١٠٥].
وكونه مذكورا هو الأصل ، كما في هذه الأمثلة ، وقد يضمر : جوازا إذا دل عليه دليل مقاليّ أو حاليّ ؛ فالأول نحو : (قالُوا خَيْراً) [النحل ، ٣٠] أي : أنزل ربّنا خيرا ، بدليل (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) [النحل ، ٣٠] والثاني نحو : «قولك لمن تأهّب لسفر : «مكّة» بإضمار تريد ، ولمن سدّد سهما : «القرطاس» بإضمار تصيب.
وقد يضمر وجوبا في مواضع : منها باب الاشتغال ، وحقيقته : أن يتقدم اسم ، ويتأخر عنه فعل أو وصف صالح للعمل فيما قبله ، مشتغل عن العمل فيه بالعمل في ضميره أو ملابسه.
فمثال اشتغال الفعل بضمير السابق «زيدا ضربته» وقوله تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ) [الإسراء ، ١٣].
ومثال اشتغال الوصف «زيدا أنا ضاربه ، الآن أو غدا».
ومثال اشتغال العامل بملابس ضمير السابق «زيدا ضربت غلامه» و «زيدا أنا ضارب غلامه ، الآن أو غدا».
فالنصب في ذلك وما أشبهه بعامل مضمر وجوبا ؛ تقديره : ضربت زيدا ضربته ، وألزمنا كل إنسان ألزمناه.
وإنما كان الحذف هنا واجبا لأن العامل المؤخّر مفسّر له ، فلم يجمع بينهما (٢).
__________________
(١) المراد وصف الفعل المتعدي ، والمراد به اسم فاعل الفعل المتعدي لواحد كضارب وبالغ ، واسم مفعول الفعل المتعدي لاثنين نحو «زيد معطي عمرو درهما» وكذا المراد مصدر الفعل المتعدي ، واسم الفعل النائب عن فعل متعدّ.
(٢) لأن العامل المؤخر المفسر للمحذوف ، كالعوض من المحذوف ، وهم لا يجمعون في الكلام بين العوض والمعوض عنه على ما عرفته.