وأما الذي تقدّر فيه حركة واحدة فهو شيئان : الفعل المعتلّ بالواو ك «يدعو» والفعل المعتل بالياء ك «يرمي» فهذان تقدّر فيهما الضمة فقط للاستثقال ؛ تقول : «هو يدعو» و «هو يرمي» فتكون علامة رفعهما ضمة مقدرة ، ويظهر فيهما شيئان :
أحدهما : النصب بالفتحة ، وذلك لخفتها نحو «لن يدعو» و «لن يرمي» (١)
قال الله تعالى : (لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً)(٢)(لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) [هود ، ٣١]
__________________
ومنه ما رواه القالي عن ثعلب :
كأن لم ترى قبلي أسيرا مقيّدا |
|
ولا رجلا يرمى به الرّجوان |
ومنه ما ينشده كثير من النحاة :
إذا العجوز غضبت فطلّق |
|
ولا ترضّاها ولا تملّق |
(١) وربما وقع لضرورة الشعر عكس الأمرين جميعا ، فجاء الفعل المضارع المعتل بالواو أو بالياء مرفوعا بالضمة الظاهرة عكس الأصل المتلئب الذي يقتضي عدم ظهور الضمة ويلتزم رفعه بضمة مقدرة على الياء أو الواو لاستثقال الضمة على كل منهما ، وجاء نصب الفعل المضارع المعتل بالواو أو بالياء بفتحة مقدرة على كل منهما عكس الأصل المطرد الذي يقتضي نصبه بفتحة ظاهرة على كل من الواو والياء لأن الفتحة لا تستثقل على واحد منهما.
فما جاء مرفوعا بضمة ظاهرة على الواو قول الشاعر :
إذا قلت علّ القلب يسلو قيّضت |
|
هواجس لا تنفكّ تغريه بالوجد |
الشاهد في قوله «يسلو» حيث رفعه بضمة ظاهرة على الواو لضرورة إقامة وزن البيت ، ومما جاء مرفوعا بضمة ظاهرة على الياء قول أعرابي نزل به ضيف فذبح له عنزا فلما أراد الضيف الارتحال منح هذا الأعرابي قدرا كبيرا من المال :
فقمت إلى عنز بقيّة أعنز |
|
فأذبحها فعل امرئ غير نادم |
فعوّضني منها غناي ولم تكن |
|
تساوي عندي غير خمس دراهم |
الشاهد في قوله «تساوي» حيث رفعه بالضمة الظاهرة لضرورة إقامة وزن البيت أيضا.
ومما ورد منصوبا بفتحة مقدرة على الواو قول عامر بن الطفيل :
فما سوّدتني عامر عن وراثة |
|
أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب |
الشاهد في قوله «أن أسمو» حيث نصبه بفتحة مقدرة على الواو للضرورة.
ومما ورد منصوبا بفتحة مقدرة على الياء قول حندج بن حندج :
ما أقدر الله أن يدني على شحط |
|
من داره الحزن ممّن داره الفرح |
الشاهد فيه قوله «أن يدني» حيث نصبه بفتحة مقدرة على الياء لأنه اضطر إلى ذلك لإقامة وزن البيت.
(٢) سورة الكهف ، ١٤ و (ندعو) هو محل الاستشهاد في الآية الكريمة.