وإنما يلزم حذف عامله إذا تكرر كما سبق في البيت ، أو عطف عليه نحو «المروءة والنجدة» فإن فقد التكرار والعطف جاز ذكر العامل وحذفه ، نحو «الصّلاة جامعة» ف «الصلاة» منصوب باحضروا مقدّرا ، وجامعة منصوب على الحال.
ويمكن أن يكون من هذا النوع قول الشاعر :
١٠٧ ـ أخاك الّذي إن تدعه لملمّة |
|
يجبك كما تبغى ، ويكفك من يبغى |
وإن تجفه يوما فليس مكافئا |
|
فيطمع ذو التّزوير والوشي أن يصغى |
______________________________________________________
ذهنك ، وجملة «لا» واسمها وخبرها لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، «كساع» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن ، «إلى الهيجا ، بغير» جاران ومجروران يتعلق كل منهما بساع ، وغير مضاف و «سلاح» مضاف إليه.
الشّاهد فيه : قوله «أخاك أخاك» فإن الشاعر ذكرهما على سبيل الإغراء ، وهذا من النوع الذي يجب معه حذف العامل ؛ لأنه كرر اللفظ المغرى به ، ألا ترى أنه ذكر «أخاك» مرتين.
١٠٧ ـ هذان بيتان من الطويل ، ولم أجد من نسب هذين البيتين إلى قائل معين.
اللّغة : «ملمة» بضم الميم وكسر اللام وتشديد الميم الثانية ـ أصله اسم فاعل من قولهم «ألم فلان بالقوم» إذا نزل بهم ، ومنه قول الشاعر :
* متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا*
ويراد بها النازلة من نوازل الدهر ، «يجبك» هو مضارع أجاب ، حذفت الياء منه للتخلص من التقاء الساكنين ؛ لأن الباء لما سكنت للجازم التقت ساكنة مع الياء التي هي عين الفعل ، وتقول : أجاب فلان دعاء الداعي يجيبه ، فإذا جزمت قلت : لم يجب فلان دعاء الداعي ، «تبغي» مضارع بغى الشيء يبغيه ، إذا قصده وطلبه ، ومنه قوله تعالى (ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) [الكهف ، ٦٤] ، «ويكفك من يبغي» يقوم بكفايتك ونصرك وحمايتك ، ومنه قوله تعالى (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) [البقرة ، ١٣٧] ، ويبغي ههنا : مضارع بغي عليك يبغي ، إذا جار عليك وظلمك وجاوز معك حدود النصفة والعدل ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ) [القصص ، ٧٦] ، «تجفه» مضارع جفاه إذا انحرف عنه ومال عن وداده ، «ذو الوشي» هو الذي ينمق كلامه يقصد به الإفساد بين المحبين ويزين لهم الخلاف «أن يصغي» أراد أنه لو بدرت منك بادرة جفاء لم يعاملك بما تستوجبه حتى يطمع المفسدون بين الأحبة في أن يصغى إلى إفسادهم وتزويرهم.