مطلقا ، أو مكان مبهم ، أو مفيد مقدارا ، أو مادّته مادّة عامله ك «صمت يوما» أو «يوم الخميس» و «جلست أمامك» و «سرت فرسخا» و «جلست مجلسك» والمكانيّ غيرهنّ يجرّ بفي ك «صلّيت في المسجد» ونحو : * قالا خيمتي أمّ معبد* وقولهم : «دخلت الدّار» على التّوسّع.
وأقول : الرابع من المنصوبات الخمسة عشر : المفعول فيه ، ويسمى الظرف ، وهو عبارة عما ذكرت.
والحاصل أن الاسم قد لا يكون ذكر لأجل أمر وقع فيه ، ولا هو زمان ولا مكان وذلك كزيدا في «ضربت زيدا» وقد يكون إنما ذكر لأجل أمر وقع فيه ، ولكنه ليس بزمان ، ولا مكان ، نحو : «رغب المتقون أن يفعلوا خيرا» فإن المعنى في أن يفعلوا ، وعليه في أحد التفسيرين قوله تعالى : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) [النساء ، ١٢٧] وقد يكون العكس ، نحو : (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً) [الإنسان ، ١٠] ونحو : (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) [غافر ، ١٥] (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) [غافر ، ١٨] ونحو : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام ، ١٢٤] فهذه الأنواع لا تسمى ظرفا في الاصطلاح ، بل كلّ منها مفعول به ، وقع الفعل عليه ، لا فيه ، يظهر ذلك بأدنى تأمّل للمعنى.
وقد يكون مذكورا لأجل أمر وقع فيه وهو زمان أو مكان ؛ فهو حينئذ منصوب على معنى «في» وهذا النوع خاصة هو المسمى في الاصطلاح ظرفا ، وذلك كقولك : صمت يوما ، أو يوم الخميس ، وجلست أمامك.
وأشرت بالتمثيل بيوما ويوم الخميس إلى أن ظرف الزمان يجوز أن يكون مبهما وأن يكون مختصّا ، وفي التنزيل : (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً) [سبأ ، ١٨] (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) [غافر ، ٤٦] (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الأحزاب ، ٤٢].
وأما ظرف المكان فعلى ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون مبهما ، ونعني به ما لا يختصّ بمكان بعينه ، وهو نوعان ؛ أحدهما : أسماء الجهات الست ، وهي : فوق ، وتحت ، ويمين ، وشمال ، وأمام ، وخلف ؛ قال الله تعالى : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) [يوسف ، ٧٦] (فَناداها مِنْ