أحدها : أن يكون محوّلا عن الفاعل ، كقول الله عزوجل : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) [مريم ، ٤] : أصله : واشتعل شيب الرأس : وقوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) [النساء ، ٤] أصله : فإن طابت أنفسهنّ لكم عن شيء منه ، فحوّل الإسناد فيهما عن المضاف ـ وهو الشيب في الآية الأولى ، والأنفس في الآية الثانية ـ إلى المضاف إليه ـ وهو الرأس ، وضمير النسوة ـ فارتفعت الرأس ، وجيء بدل الهاء والنون بنون النسوة ، ثم جيء بذلك المضاف الذي حوّل عنه الإسناد فضلة وتمييزا ، وأفردت النفس بعد أن كانت مجموعة ؛ لأن التمييز إنما يطلب فيه بيان الجنس ، وذلك يتأدى بالمفرد.
الثاني : أن يكون محوّلا عن المفعول ، كقوله تعالى : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) [القمر ، ١٢] قيل : التقدير [وفجرنا] عيون الأرض ، وكذا قيل في «غرست الأرض شجرا» ونحو ذلك.
الثالث : أن يكون محوّلا عن غيرهما ، كقوله تعالى : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً) [الكهف ، ٣٤] أصله : مالي أكثر ، فحذف المضاف ـ وهو المال ـ وأقيم المضاف إليه ـ وهو ضمير المتكلم ـ مقامه ، فارتفع وانفصل ، وصار : أنا أكثر منك ، ثم جيء بالمحذوف تمييزا ، ومثله «زيد أحسن وجها» و «عمرو أنقى عرضا» وشبه ذلك ، وجه زيد أحسن ، وعرض عمرو أنقى.
الرابع : أن يكون غير محوّل ، كقول العرب : «لله درّه فارسا» و «حسبك به ناصرا» وقول الشاعر :
١٢٠ ـ * يا جارتا ما أنت جاره*
«يا» حرف نداء «جارتا» منادى مضاف للياء ، وأصله «يا جارتي» فقلبت
______________________________________________________
١٢٠ ـ هذا نصف بيت من الكامل المجزوء من كلام الأعشى أبي بصير ميمون بن قيس ، ومن العلماء من جعل هذا عجز البيت ، وجعل صدره قوله :
* بانت لتحزننا عفاره*
ومنهم من عكس ؛ فجعل المذكور في الكتاب صدرا ، وجعل الذي ذكرناه عجزا ، وهو المرويّ في ديوانه (ص ١١١ طبع فيينا).