زمن اتّسع؟ وأي نوم سلب؟ وأي راحة قضي عليها؟ حتى وقف الرجل على صرحه العلمي الشامخ ليقول للناس بلسان الحال : هاؤم اقرؤوا كتابيه ، وقد قرأ الناس فوجودوا الخير الهاطل والنفع الجزيل). هكذا عقب الأستاذ الدكتور إبراهيم رجب البيومي بعد سرده لمجموعة من الكتب التي ألفها وأخرجها العلامة الراحل ، وله في ترجمته عن العلامة الراحل محمد محيي الدين عبد الحميد والتي أودعها كتابه القيم «النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين» آراء سديدة وصادقة أوردنا أطرافا منها ، وهو يقول أيضا :
«وللأستاذ مقدمات علمية رائعة ، تدل على أنه باحث جيد ، لو تفرغ للتأليف الخالص لأبدع الكثير ، وأشير إلى مقدمتين رائعتين هما مقدمته لكتاب «مقالات الإسلاميين» للأشعري ، ومقدمته لكتاب «تهذيب السعد» ؛ حيث ألمّ في الأولى بتاريخ دقيق لعلم الكلام منذ بدت أصوله حتى اكتمل وتشعب وتعددت فرقه بعد الأشعري ، في وضوح خالص يدل على صحة الفهم ، وصدق الاستنباط ، كما ألمّ في المقدمة الثانية بتاريخ علم البلاغة في دقة حصيفة ، وقد كتب هذا التاريخ المستوعب قبل أن تظهر الكتب المستقلة بتاريخ هذا الفن فكان ذا سبق جلي ، وله في مقدمة نهج البلاغة استيعاب جيد ، واستشفاف بصير» (١).
وقال عن كتابة السير والتراجم :
«وكنت أتمنى أن يتفرغ الأستاذ محيي الدين لكتابة تراجم عن معاصريه ، إذ كان يعرف من أحوال أساتذته وزملائه وأعيان عصره ما يملأ صحائف ذات أجزاء ، وما جاء في مجلس ذكر لعالم من العلماء إلا أفاض الشيخ مبينا نشأته وبلدته ومناصبه العلمية ، وموادّه الدراسية التي كان يقوم بإلقائها ، وما صادفه في حياته من صعود وهبوط ، وما تركه من بحوث ومقالات ، وما أذاعه في الجمعيات والمساجد من محاضرات ، وكل ذلك تاريخ حافل طواه الأستاذ في صدره ، وأذكر أن مجلة الكتاب حين صدورها عن دار المعارف طلبت منه ترجمة وافية للأستاذ الأكبر الإمام المراغي لتنشر في عددها
__________________
(١) تحت الطبع كتاب «مقدمات في نشأة العلوم العربية والإسلامية» للعلامة الراحل وهو يضم المقدمتين المشار إليهما بالإضافة إلى العديد غيرها.