١١ ـ فعاجوا فأثنوا بالّذي أنت أهله |
|
ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب |
وقال الله تعالى (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت ، ١١] (١) ، فزعم قوم من العلماء أنهما تكلّمتا حقيقة ، وقال آخرون : إنهما لما انقادتا لأمر الله عزوجل نزّل ذلك منزلة القول.
______________________________________________________
١١ ـ هذا بيت من الطويل ، وهو من كلام نصيب بن رباح الأموي بالولاء ؛ لأنه كان مولى عبد العزيز بن مروان ، وكان شاعرا فصيحا مقدما في المديح والنسيب ، والبيت من كلمة له يمدح فيها سليمان بن عبد الملك بن مروان.
اللّغة : «عاجوا» مالوا «أثنوا» ذكروا بخير «الحقائب» جمع حقيبة وهي وعاء يجعل فيه المسافر متاعه.
المعنى : يقول : إن هؤلاء الناس الذين لقيتهم وسألتهم عنك قد أثنوا عليك وذكروا من كرمك ومحاسن أخلاقك وشريف سجاياك ما أنت له أهل ، ولو أنهم لم يمدحوا بألسنتهم لتكلمت حقائبهم ، يريد أن حقائبهم كانت ممتلئة بعطاياه.
الإعراب : «عاجوا» فعل وفاعل ، «فأثنوا» فعل وفاعل جملتهما معطوفة بالفاء على ما قبلها ، «بالذي» جار ومجرور متعلق بأثنى ، «أنت أهله» جملة من مبتدأ وخبر لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، وأهل مضاف والضمير الذي للغائب مضاف إليه ، «لو» حرف امتناع لامتناع ، «سكتوا» جملة من فعل وفاعل هي شرط لو ، «أثنت» أثنى : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، «عليك» جار ومجرور متعلق بأثنت ، «الحقائب» فاعل أثنت ، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب جواب لو.
الشّاهد فيه : قوله «أثنت عليك الحقائب» فإنه قد أثبت للحقائب ثناء ، وهو كلام تجميل ، ولا شك أن الحقائب لا تتكلم بلسان المقال ، وإنما كلامها بلسان الحال ، والمراد أن ما في الحقائب يحدث بلسان الحال عن جودك وكرمك إذا سكت المعطون والمكرّمون.
__________________
(١) وقبل ما تلاه المؤلف قوله سبحانه (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) فأما نسبة القول إلى السماء وإلى الأرض فقد ذكرها الشارح وبين أن للعلماء في تفسيرها قولين ، والله تعالى قادر على أن يخلق فيهما عند تجليه لهما قدرة الاستماع والفهم والإجابة بالقول ، فلا محظور في هذا.
وبقي سؤالان يتعلقان بألفاظ هذه الآية ، الأول أنه سبحانه عبر عن السماء والأرض بلفظ التثنية في قوله (قالتا) ثم عبر عنهما بلفظ الجمع في قوله (طائعين) وجواب هذا السؤال أن لفظ السماء ولفظ الأرض قد يراد بهما الحقيقة والجنس وقد يراد بهما الأفراد ـ وهي سبع سموات وسبع أرضين ـ فإن راعيت أن المراد بهما