حتّى بلّت دموعه القميص الّذي عليه ، ثمّ أقبل عليهم فقال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ) من قبل (وَأَخِيهِ) من بعد (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ، قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) فلا تفضحنا ولا تعاقبنا اليوم واغفر لنا (قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ).
وفي رواية أخرى (١) : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ نحوه.
وفي مجمع البيان (٢) : وفي «كتاب النّبوّة» بالإسناد ، عن الحسن بن محبوب ، عن [أبي] (٣) إسماعيل الفرّاء ، عن طربال عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في خبر طويل : أنّ يعقوب كتب إلى يوسف : «بسم الله الرّحمن الرّحيم» إلى عزيز مصر ومظهر العدل وموفي الكيل ، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن صاحب نمرود ، الّذي جمع له النّار ليحرقه بها فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأنجاه منها.
أخبرك ، أيّها العزيز ، أنّا أهل بيت لم يزل البلاء إلينا سريعا من الله ليبلونا عند السّرّاء والضّرّاء ، وأنّ مصائب تتابعت عليّ منذ عشرين سنة ، أوّلها أنّه كان لي ابن سمّيته : يوسف ، وكان سروري من بين ولدي وقرّة عيني وثمرة فؤادي ، وأنّ إخوته من غير أمّه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب ، فبعثته معهم بكرة فجاءوني عشاء يبكون ، وجاؤوا على قميصه بدم كذب ، وزعموا أنّ الذّئب أكله ، فاشتدّ لفقده حزني وكثر على فراقه بكائي حتّى ابيضّت عيناي من الحزن ، وأنّه كان له أخ ، وكنت به معجبا وكان لي أنيسا ، وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري فيسكن بعض ما أجد في صدري ، وأنّ إخوته ذكروا أنّك سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به ، فإن لم يأتوك به منعتهم الميرة ، فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا ، فرجعوا إليّ وليس هو معهم ، وذكروا أنّه سرق مكيال الملك ونحن أهل بيت لا نسرق ، وقد حبسته عنّي وفجعتني به ، وقد اشتدّ لفراقه حزني حتّى تقوّس لذلك ظهري وعظمت به مصيبتي مع مصائب تتابعت عليّ ، فمنّ عليّ بتخلية سبيله وإطلاقه من حبسك ، وطيّب لنا القمح واسمح لنا في السّعر وأوف لنا الكيل ، وعجّل بسراح آل إبراهيم.
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ / ١٩٢.
(٢) المجمع ٣ / ٢٦١.
(٣) من المصدر ، وجامع الرواة ٢ / ٣٦٦.