قال : فمضوا بكتابه حتّى دخلوا على يوسف في دار الملك و (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا) (إلى آخر الآية) ، وتصدّق علينا بأخينا ابن يامين ، وهذا كتاب أبينا يعقوب أرسله إليك في أمره يسألك تخلية سبيله ، فمنّ به علينا فأخذ يوسف كتاب يعقوب ، وقبّله ووضعه على عينيه ، وبكى وانتحب حتّى بلّت دموعه القميص الّذي عليه ، ثمّ أقبل عليهم وقال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) من قبل.
وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (١) ، بإسناده إلى سدير قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّ في القائم ـ عليه السّلام ـ شبه (٢) من يوسف ـ عليه السّلام ـ.
قلت : كأنّك تذكر خبره أو غيبته؟
فقال : لي. ما تنكر من ذلك هذه الأمّة أشباه الخنازير؟ إنّ إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء ، تاجروا؟؟؟ بيوسف وبايعوه ، وهم إخوته وهو أخوهم ، فلم يعرفوه حتّى قال لهم : (أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي) فما تنكر هذه الأمّة أن يكون الله ـ عزّ وجلّ ـ في وقت من الأوقات يريد أن يستر (٣) حجّته [عنهم] (٤)؟ لقد كان يوسف ـ عليه السّلام ـ [يوما] (٥) ملك مصر ، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما ، فلو أراد الله أن يعرّفه [مكانه] (٦) لقدر على ذلك ، والله ، لقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة (٧) تسعة أيّام من بدوهم (٨) إلى مصر ، فما تنكر هذه [الأمة] (٩) أن يكون الله ـ عزّ وجلّ ـ يفعل [بحجّته] (١٠) ما فعل بيوسف ، أن يسير فيما بينهم ويمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم (١١) وهم لا يعرفونه حتّى يأذن الله ـ عزّ وجلّ ـ له أن يعرّفهم نفسه ، كما أذن ليوسف حين (١٢) قال لهم : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ ، قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) (الآية).
وفي أصول الكافي (١٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن الحسين ، عن ابن أبي نجران ،
__________________
(١) كمال الدين ١ / ١٤٤ ، ح ١١.
(٢) المصدر : سنّة.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : أن يبيّن.
(٤ و ٥) من المصدر.
(٦) من المصدر.
(٧) المصدر : «في» بدل «مسيرة».
(٨) ليس في المصدر : من بدوهم.
(٩ و ١٠) من المصدر.
(١١) كذا في المصدر. وفي النسخ : بسيطهم.
(١٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : حتّى.
(١٣) الكافي ١ / ٣٣٦ ، ح ٤.