وقال سبحانه : ( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) ( لقمان / ٣٠ ).
وقال سبحانه : ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ * قَالَ فَالحَقُّ وَالحَقَّ أَقُولُ ) ( ص / ٨٢ ـ ٨٤ ).
وقد استعمل الحق في (١) مقابل الباطل في غير واحد من الايات فهل هما من قبيل المتضادّين أو من قبيل المتضائفين أو من قبيل العدم والملكة أو السلب والايجاب ، لا سبيل إلى الأوّل لما سيوافيك أنّ البطلان أمر عدمي لا وجودي ، وبذلك يعلم عدم كونهما من قبيل المتضايفين لاشتراط كونهما أمرين وجوديين حيث يلزم من تصوّر أحدهما تصوّر الاخر ، فانحصر الاحتمال بين الثالث والرابع ، ولعلّ الثالث أقرب ، وعلى كل تقدير فلو كان أحد المفهومين واضحاً يمكن استظهار معنى الاخر من خلاله.
قال ابن فارس : الحق أصل واحد وهو يدلّ على إحكام الشيء وصحّته فالحق نقيض الباطل ثم يرجع كل فرع إليه بجودة الاستخراج وحسن التلفيق. يقال حقّ الشيء أي وجب ، ويقال ثوب محقّق إذا كان محكم النسج ، والحقّة من أولاد الابل : ما استحقّ أن يحمل عليه كأنَّه اُحكمت عظامه واشتدّت فاستحق الحمل ، والحاقة : القيامة لأنّها تحقّ بكل شيء (٢).
وقال الراغب في مادة « بطل » : الباطل نقيض الحق وهو ما لا ثبات له عند الفحص عنه ، قال تعالى : ( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ ).
اقول : إنّ الحقّ والباطل قد يوصف بهما الاعتقاد واُخرى نفس الواقع الخارجي مع قطع النظر عن الاعتقاد به ، فاذا قدّر للشيء نوع من الوجود أو نوع من
__________________
(١) بناء على انّ المراد من الحق الأوّل هو الله سبحانه على انّ التقدير فالحق اقسم به ، وفيه أقوال.
(٢) مقاييس اللغة : ج ٢ ، ص ١٥ ـ ١٧.