الوصف ثم قيس إلى الخارج وكان الخارج على وفق ما قدّر ووصف كان الاعتقاد حقّاً والقضيّة الذهنيّة حقّة ، وأمّا إذا لم يكن كذلك يكون الاعتقاد باطلاً والقضية باطلة.
قال سبحانه : ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ... فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( البقرة / ٢١٣ ). اي هداهم إلى العقائد الحقّة المطابقة لنفس الأمر.
هذا إذا وقع الحق والباطل وصفين للإعتقاد والقضيّة الذهنيّة ، وأمّا إذا وقعا وصفين لنفس الأمر والواقع الخارجي فتوصيفه بهما يدور مدار ثبوته وعدمه.
فإذا كان الواقع واجب الوجود أي ماله ثبوت لا يشوب ثبوته بطلان ، ويكون ثابتاً من جميع الجهات وموجوداً على أيّ تقدير ، وموصوفاً بالوجود مطلقا غير مقيّد بقيد ولا مشروطاً بشرط فهو الحقّ المطلق الذي لا يتطرّق اليه البطلان بوجه ما ، والحقّ بهذا المعنى ينحصر فيه سبحانه لا غير ولأجل ذلك قال سبحانه : ( أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ ) فأتى بضمير الفصل وعرّف الخبر باللام لغاية القصر أي حصر المبتدأ في الخبر ، فالله سبحانه حقّ بذاته على الاطلاق بلا شرط وقيد.
أمّا إذا كان الواقع ممكن الوجود فهو حقّ بمقدار ماله من الثبوت وباطل بمقدار ما لا ثبوت له ، فبما أنّ الممكن يتّصف بالوجود من جانب علّته ، فيكون له الثبوت بفضلها فهو حقّ ، وبما أنّه ليس له الوجود من صميم ذاته ، وانّه إذا لم يكن له الموجد لبقي على العدم فهو باطل وهالك.
وهناك آيتان ناظرتان إلى ما ذكرنا أعني قوله سبحانه :
١ ـ ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) ( القصص / ٨٨ ).
٢ ـ ( وَيُحِقُّ اللهُ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ ) ( يونس / ٨٢ ).
فالاية الأولى ناظرة إلى بطلان الممكن من حيث هو هو ، ولأجل ذلك يحكم