( أَحْسَنُ الخَالِقِينَ ) ( المؤمنون / ١٤ ) وينسب الخلق إلى غيره ويقول :
( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ ) ( آل عمران / ٤٩ ).
ويقول سبحانه : ( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ) ( المائدة / ١١٠ )
ثمّ إنّ الأشاعرة والعدلية اختلفوا في تفسير هاتين الطائفتين من الايات فالطائفة الاُولى حصروا الخالقية فيه سبحانه وأنكروا السببية للأسباب الطبيعية كما أنكروا تأثير الإنسان في أفعاله ، وقالوا : إنّه سبحانه يخلق الجواهر والأعراض وأفعال الإنسان والحيوان والنبات بنفسه مباشرة ، فإذا أراد الإنسان فعلاً يسبقه سبحانه إلى إيجاد الفعل المطلوب له من دون أن يكون للإنسان وإرادته واختياره فيه تأثير حتى أنّهم أنكروا تأثير العلل الطبيعية على وجه الاطلاق وذهبوا إلى أنّ الاحراق فعل الله عند تكوّن النار ولا صلة له بها ، كما أنّ التبريد يوجد به سبحانه مباشرة عند تحقّق الماء من دون ارتباط بينهما وقس على ذلك الكائنات الجوية والظواهر الأرضية فأنكروا النظم الطبيعية كلّ ذلك حرصاً على حفظ ظواهر الايات.
قال الدكتور البوطي (١) :
إنّ من أسماء الله عزّ وجلّ « القيّوم » ومعناه القائم باُمّ المخلوقات على الدوام والاستمرار ، وقد فصل هذا المعنى في مثل قول الله عزّ وجلّ في مثل : ( إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا ) ( الفاطر / ٤١ ).
__________________
(١) إنّ الدكتور « محمد سعيد رمضان البوطي السوري » في كتابه « السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب اسلامي » أدى حقّ الموضوع وأثبت انّ اتباع السلف ليس بمعنى الانحباس في حرفية الكلمات التي نطقوا بها أو المواقف الجزئيّة التي اتّخذوها. ( السلفية مرحلة زمنية مباركة : ص ١٢ ). لكنّه مع الأسف قد حبس نفسه وفكره في اطار الفكر الاشعري وقبله الحنبلي ، ولم يخلص نفسه عنه ونظر إليها نظر تقديس وتنزيه وكأنّ منهجهم قد افرغ من رصاص أو نحاس لا يقبل الخداش ، ومن الموارد التي تبع الدكتور ذلك المنهج بحرفيته مسألة سلب التأثير للفواعل الطبيعية والعلل المادّيّة.