حتّى يتبيّن أنّ المراد هل هو المعنى التصوّري ( السرير ) ، أو هو المعنى التصديقي المختلف حسب المقامات.
فإنّ العرش يطلق ويراد غالباً الملك أعني السلطة والحكم على الناس.
قال الشاعر :
تداركتم الأحلاف قد ثلّ عرشها |
|
وذبيان إذ ذلّت باقدامها النعل (١) |
إنّ المراد من العرش هو نظام الحياة والمراد من ثلّه إزالته ، ولأجل ذلك يقال ثلّ عرشه فيما إذا انقلب الدهر عليه وسائت أحواله ، هذا وسيوافيك مزيد توضيح لهذا المعنى عند البحث عن المحتمل الثالث.
٢ ـ العرش : هو الفلك التاسع أو فلك الافلاك في الهيئة البطلميوسيّة فقد كان بطلميوس يفسّر العالم في الكرات الأربعة ( الماء والتراب والنار والهواء ) ثمّ الأفلاك التسعة وكل فلك يحمل سيارة إلى الفلك السابع ، والثوابت في الفلك الثامن ثمّ الفلك التاسع وهو أطلس لا نجم فيه ، ويوصف بمحدّد الجهات وليس بعده خلأ ولا ملأ وهو العرش عند بعضهم ، ونقل العلاّمة المجلسي عن المحقّق الداماد في بعض تعليقاته أنّه قال : العرش : هو فلك الأفلاك (٢).
وهذا القول لا يحتاج إلى النقد بعد وضوح بطلان أصل النظريّة حيث هدّم العلم الحديث أركان هذه النظرية وأصبحت من مخلّفات الدهر.
٣ ـ إنّ العرش والاستيلاء عليه كناية عن إحاطته بعالم الوجود وصحيفة الكون تشبيهاً للمعقول بالمحسوس ، فإنّ الملوك إذا جلسوا على عروشهم واستقرّوا عليها وحولهم وزراءهم وعمّالهم ، أخذوا بتدبير اُمور البلد بإصدار الأوامر والنواهي وبالإرشادات والتوجيهات المناسبة ، فشبّه استيلاءه سبحانه على عالم الكون
__________________
(١) الشعر لزهير ، ولاحظ : مقاييس اللغة ج ٤ ص ٢٦٥.
(٢) بحار الانوار ج ٥٨ ، ص ٥.