إذا وقفت على هذا عرفت بأنّ علم الإنسان بذاته علم حضوري ، إذ لا تغيب ذات الإنسان ونفسه عن نفسه.
وبهذا تقف على ضعف ما نقل عن الفيلسوف الفرنسي « ديكارت » حيث أراد الاستدلال على وجود نفسه بكونه مفكراً إذ قال : « أنا اُفكر فإذن أنا موجود » حيث استدلّ بوجود التفكّر على وجود المفكّر وهو نفسه.
فإنّ هذا الإستدلال خال عن الإتقان لوجهين :
أوّلاً : إنّ علم الإنسان بوجود نفسه علم حضوري وضروري لا يحتاج إلى البرهنة عليه والاستدلال بشيء ، فليس علم الإنسان بتفكّره أقوى وأوضح عنده من علمه بذاته ونفسه.
وثانياً : إنّ « ديكارت » اعترف بالنتيجة التي سعى إليها في مقدمة كلامه وجملته ، إذ قال : أنا اُفكر فإذن أنا موجود.
فقد أخذ وجود نفسه ( التي عبر عنها ب « أنا » ) أمراً مفروضاً واقعاً مسلّماً بينما هو يريد الاستدلال على وجود « أنا » وهذا من باب قبول النتيجة قبل الاستدلال عليها.
فالحقّ هو انّ « علم الإنسان بذاته » وانّه أمر موجود وحقيقة كائنة بنحو من الانحاء لا يحتاج إلى البرهنة والاستدلال أصلاً.
ج. علم الإنسان بالمشاعر النفسية : إنّ الآلام والأفراح التي تحيط بالإنسان جميعها معلومة للإنسان بالعلم الحضوري الذاتي ، فإنّ هذه الأحاسيس والمشاعر حاضرة بوجودها الخارجي لدى الإنسان من دون حاجة إلى أخذ صورة عنها.
د. علم العلة بمعلولها : إنّ علم العلّة بمعلولاتها ليس علماً حصولياً بل علم حضوري لما سيوافيك من أنّ نسبة وجود المعلول إلى العلّة كنسبة المعنى الحرفي إلى المعنى الاسمي ، وإنّ المعلول بوجوده وهويته الخارجية قائم بعلّته. والمراد من