المراد صعب وهو راجع إلى المعنى الأصلي للكلمة ، وهو القوي لكون كل صعب مقاوماً.
قال سبحانه : ( وَعَزَّنِي فِي الخِطَابِ ) ( ص / ٢٣ ) أي غلبني في الخطاب.
وقول قوم شعيب له : ( وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ) ( هود / ٩١ ) أي قويّ وغالب.
وعلى أي تقدير فقد جاء وصفاً له سبحانه في موارد كثيرة كما عرفت.
قال سبحانه : ( وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلاَّ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( آل عمران / ٦٢ ).
وقال سبحانه : ( وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ الْعَزِيزِ الحَكِيمِ ) ( آل عمران / ١٢٦ ).
وبما أنّه أُستعمل مع اسم « الحكيم » تارة ومع « ذي انتقام » ثانية ومع « القوي » ثالثة ، يعرب عن أنّه بمعنى الغالب القاهر الذي لا يغلب وهو « قوي » في الوقت نفسه « حكيم » يقهر عن حكمة وينتقم عن عزّ وقدرة ولو اجتمع مع « الرحيم » و « الغفور » يعرب عن أنّه غالب وفي الوقت نفسه سبقت رحمته كلّ شيء فلا يكون عزّه سبباً لعدم رحمتة وتجاوزه.
وبذلك يعلم أنّ ما احتمله الغزالي في تفسير « العزيز » تفسير غير تام ، قال : العزيز هو الذي يقل وجود مثله ، وتشتد الحاجة إليه ، ويصعب الوصول إليه فما لم تجتمع هذه المعاني الثلاثة فيه لا يطلق عليه اسم « العزيز » ، فكم من شيء يقل وجوده ولكن لا يحتاج إليه فلا يسمّى عزيزاً ، وقد يكون بحيث لا مثل له والانتفاع به عظيم جداً ولكن يسهل الوصول إليه فلا يسمّى عزيزاً كالشمس فإنّها لا مثل لها والانتفاع بها عظيم جداً ، ولكنّها لا توصف بالعزّة فإنّه لا يصعب الوصول إليها ، وأمّا إذا اجتمعت المعاني في شيء فهو « العزيز » (١).
__________________
(١) لوامع البينات : ص ١٩٥ نقلا عن الغزالي.