يلاحظ عليه : أنّ تفسير « العزيز » بمعنى ما يقل وجود مثله مع ما عرفت من كلام ابن فارس في حقّه غير تام في تفسير هذا الاسم في كثير من الايات ، فإنّ تفسير قوله سبحانه : ( وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ الْعَزِيزِ الحَكِيمِ ) بأنّه ما النصر إلاّ من عند الله الذي لا مثل له ولا نظير غير منسجم لما تبيّن في محلّه ، إنّ كل اسم يقع في آخر الآية يجب أن يكون متناسبا مع ما ورد في الاية من المعنى ، وأي صلة بين النصر وبين كونه سبحانه لا نظير له ولا مثيل.
وروي عن الأصمعي أنّه قال : كنت في البادية وأقرأ القرآن بصوت عالٍ فقرأت الآية التالية بهذا النحو :
( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( المائدة / ٣٨ ).
وكانت هناك أعرابيّة تسمع صوتي ، فقالت لي : لو كان غفوراً رحيماً لما أمر بقطع أيديهما ، فراجعت القرآن فرأيت أنّني أخطأت في التلاوة والآية ( وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).
هذا ما فهمته الاعرابية بصفاء فطرتها ، وعلى ذلك فلا محيص عن تفسير العزيز في جميع الموارد على النحو الذي ذكره « ابن فارس » من القهر والقوّة والشدّة.
قال الصدوق معناه : انّه لا يعجزه شيء ولا يمتنع عليه شيء أراده ، فهو قاهر للأشياء غالب غير مغلوب فقد يقال في المثل « من عزّ بذّ » أي من غلب سلب ، وقوله حكاية عن الخصمين ( وعزّني في الخطاب ) أي غلبني في مجاذبة الكلام ، وقد يقال للملك عزيز كما قال اُخوة يوسف له « يا أيّها العزيز » والمراد به يا أيّها الملك (١).
والظاهر أنّ استعماله في الملك لمناسبة بينه وبين معناه فإنّ الملك يلازم
__________________
(١) التوحيد للصدوق : ص ٢٠٦.