والفوقيّة في الآية نظير ما في سائر الآيات مثل قوله : ( وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) ( آل عمران / ٥٥ ).
قال : ( سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ) ( الأعراف / ١٢٧ ). غير أنّ الفوقيّة فيهما معنوية اعتبارية ، والفوقية في المقام تكوينيّة نابعة من كون أحدهما علّة والآخر معلولاً.
ولعلّ استعمال القاهر مع فوق في كلتا الآيتين لأجل الاشارة إلى أنّ القاهر والمقهور ليسا في درجة من الوجود ، بل القاهر فوق المقهور في الوجود والكينونة ، وهو المالك للمقهور ، لما للقاهر من وجود وخصوصيّة ، فالقهر ينبع من كون أحدهما مالكاً والآخر مملوكاً ، ملكية ناشئة من الخلق والإيجاد ، لا الوضع والاعتبار.
والظاهر أنّ « القهّار » صيغة مبالغة من « القاهر » والفرق بينهما هو الفارق بين اسم الفاعل وصيغة المبالغة وربّما يقال : إنّ القهّار اسم له تعالى باعتبار ذاتيّة غلبته على خلقه واستيلائه على جميع الموجودات ، والقاهر اسم له تعالى باعتبار إعمال تلك الصفة في عالم الفعل (١).
ولم يعلم وجه هذا الفرق. قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « يا من توحّد بالعزّ والبقاء وقهر عباده بالموت والفناء » (٢).
وأمّا حظ العبد من هذا الاسم فالقهَّار من العباد من قهر أعدائه ، وأعدى عدوّه نفسه التي بين جنبيه فإذا قهر شهوته وغضبه فقد قهر أعدائه ، وفي ذلك إحياء لروحه (٣).
__________________
(١) شرح الأسماء الحسنى للسيد حسين الهمداني : ص ٨٦.
(٢) دعاء الصباح.
(٣) لوامع البينات للرازي : ص ٢٢٣.