فهلم معي نستوضح معنى « إلى ربّها ناظرة ».
فهل المقصود الجدّي هو النظر والرؤية ؟
أو هو التوقّع والانتظار ؟
فيمكن رفع الابهام وامعان النظر في مقابله أعني : « تظن أن يفعل بها فاقرة » فإنّ مفاده أنّ الطائفة العاصية تتوقّع نزول عذاب يكسر فقارها ويقصم ظهرها ، فيكون ذلك قرينة على أنّ المراد من مقابله خلاف ذلك ، وأنّ هٰؤلاء المطيعين يتوقّعون خلاف ما تتوقّعه الطائفة الاُخرى يتوقعون فضله وكرمه ورحمته وأين هذا من الرؤية ؟
بذلك يظهر أنّ التركيز على الوجوه دون العيون لأجل إفادة هذا المعنى ، أي أنّ وجوها تنتظر العذاب ، وأن وجوهاً متوجهةً إلى الباري تنتظر الرحمة.
وهذا نظير قول القائل :
إنّي إليك لما وعدت لناظر |
|
نظر الفقير إلى الغني الموسر |
ويقال : أنظر إلى الله ثمّ إليك.
فإنّ النظر في هذه الموارد وإن كان بمعنى الرؤية ، ولكنّها كناية عن انتظار الرحمة ، فقول التلميذ لاُستاذه ، والولد لوالده ، والخادم لسيده : « أنا أنظر إليك » بهذا المعنى.
وقال آخر :
وجوه ناظرات يوم بدر |
|
إلى الرحمان يأتي بالفلاح |
أي منتظرات لإتيانه تعالى بالنصرة والفلاح.
وقال أيضاً :
كل الخلائق ينظرون سجاله |
|
نظر الحجيج الى طلوع هلال |
أي ينتظرون عطاياه انتظار الحجّاج لظهور الهلال وطلوعه.