حتى لو كان النظر في الآية بمعنى الانتظار ، أو بمعنى الرؤية ، لا تدلّ على رؤيته سبحانه يوم القيامة ، بل ليست بصدد هذا الأمر أصلاً ، ولا فرق بين تفسير الكلمة بالنظر ، أو الانتظار.
وما ربّما يتصوّره البعض من أنّ « ناظرة » لو كانت بمعنى الرؤية تمّت دلالة الآية ، ولو كانت بمعنى الانتظار لم تتم ولم تدل ، كلام سطحي ينمّ عن عدم تعمّق في السياق الذي جاءت به الآية كما ستعرف.
وخلاصة القول : إنّ الآية ـ سواء من النظر فيها بمعنى الانتظار أو الرؤية ـ تهدف أمراً آخر ، لا ارتباط له بمسألة الرؤية أصلاً ، ولا يعرف هذا إلاّ بمقارنة الآية المذكورة بالآيات المقابلة لها.
فإنّ الآية الثانية أي ( إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) يبيّن ما هو المتوقّع عند المؤمنين كما أنّ الآية الرابعة أي ( تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) يبين ما هو المتوقع عند العاصين ، فحيث كان المقصود في الآية الرابعة هو توقّع العصاة للعذاب الإلهي كان المقصود في الآية الثانية ( بحكم التقابل ) هو توقّع المطيعين المتّقين الرحمة الإلهية ، وهذا هو هدف الآية الثانية ، فتفسير النظر برؤية جماله وذاته غريب عن مرمى الآية وهدفها.
إذا عرفت هذا فلا يتفاوت بأن يفسر « ناظرة » بمعنى الانتظار ، فيكون معناه المطابقي هو انتظار رحمته بدل انتظار عذابه ، أو يفسّر بالرؤية فيكون المراد منه ـ بالمآل ـ انتظار الرحمة ، لأنّ الرؤية في هذه الموارد تكون كناية عن انتظار الرحمة ، وتوقع اللطف من الجانب الآخر.
يقال : فلان ينظر إلى يد فلان ، ويراد منه أنّه معدم محتاج ، ليس عنده شيء ، وإنّما يتوقع أن يعطيه ذلك الشخص ، فما أعطاه ملكه ، وما منعه حرم منه.
وهذا ممّا درج عليه الناس في محاوراتهم العرفية اليوميّة إذ يقول أحدنا لصديقه الذي يتوقّع منه المعونة والمدد :