لزم قصر النظر يوم القيامة عليه سبحانه لأنّه لا يعدل به غيره ، ولزم أن لا ينظر إلى سواه لأنّ غيره في مقابله ليس بديعاً ولا جميلاً جاذباً مع انّا نرى أنّ الآيات والروايات تتحدّث عن نظر الإنسان في ذلك اليوم إلى أشياء غيره تعالى كما هو واضح لمن أمعن النظر في الآيات الواردة حول الجنّة وأهلها وقصورها وحورها وفواكهها و ... فعلى قول صاحب « الانتصاف » يترك كل ذلك سدى ولا ينصرف المؤمن من رؤية الله إلى غيرها وهو كما ترى.
٢ ـ الآية الثانية :
قال تعالى : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ... ).
وجه الاستدلال انّه لو كانت الرؤية ممتنعة لكان موسى واقفاً عليه وعندئذ لما أقدم على السؤال والسؤال دليل على الامكان (١).
والجواب يتوقّف على بيان اُمور :
١ ـ هل كان هناك ميقات واحد أو ميقاتان ؟
جاءت قصّة ميقات موسى في آيتين :
الأولى : قوله سبحانه : ( وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ) ( الأعراف / ١٥٥ ).
الثانية : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ
__________________
(١) شرح التجريد للقوشجي : ص ٣٢٩.