و « المصوّر » من الصورة وهي صورة كل مخلوق وهيئته التي خلق عليها (١).
قال الراغب : « الصورة » ما ينتقش بها الأعيان ويتميّز بها عن غيرها ، وهي بين محسوس ومعقول ، والمحسوس كصورة الإنسان والفرس والحمار بالمعاينة ، والمعقول الصورة التي اختص الإنسان بها من العقل والرؤية والمعاني التي خصّ بها شيء بشيء.
يلاحظ عليه : انّ تقسيم الصورة إلى القسمين تقسيم فلسفي خارج عن اطار المعنى اللغوي للفظ ، وقد جرّه إلى هذا التقسيم تصحيح ما روي عن النبي أنّه قال : « إنّ الله خلق آدم على صورته » بناءً على أنّ الضمير المجرور يرجع إلى الله ، وسيوافيك تفسير الحديث بوجهين.
والظاهر أنّ المراد من المبدأ في المصوّر هو الصورة الحسّية التي اُشير إليها في كثير من الآيات.
قال سبحانه : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ) ( آل عمران / ٦ ).
وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ ) ( الأعراف / ١١ ).
وقال سبحانه : ( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ) ( غافر / ٦٤ ).
نعم كان تصوير آدم على وجه الكمال ملازما لكونه ذا صورة عقليّة مدركة
__________________
(١) الظاهر من صاحب المقاييس انّ الصورة مأخوذة من صور ، ويؤيّده كون الواو ظاهرة في مشتقاته ك ( المصوّر ، المصور ، التصوير ، الصور ) غير أنّ الرازي قال : الصورة مأخوذة من صار يصير ، ومنه قولهم « إلى ماذا صار أمرك » ... وصورة الشيء هو الجزء الذي باعتباره يكون الشيء حاصلاً كائناً لا محالة فلا جرم كانت الصورة منتهي الأمر ومصيره ( لوامع البيّنات : ص ٢٠٩ ) ولا يخفى بعده وليس من الممتنع أن يكون لمادة « صور » معان مختلفة منها الامالة ومنه قوله تعالى ( فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ) ومنه « أصور » بمعنى مائل العين ، ومنها « الصورة » الهيئة التي يخلق الشيء عليها ).