بالبصيرة ، وهو غير كون الصورة موضوعة للأعمّ من الحسّيّة والعقليّة.
وكونه سبحانه هو المصوّر دون غيره لا ينافي تدخّل الأسباب المادّيّة والصفات الموروثة في التصوير ، فإنّها من جنوده سبحانه تعمل بإرادته ومشيئته وتأثير الكل ينتهي إليه فهو المصوّر حقيقة ، وغيره من العلل الطوليّة والعرضيّة مصوّرة بإذنه ومشيئته.
تفسير الحديث النبوي
روى الفريقان عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « إنّ الله خلق آدم على صورته » فأخذ بظاهره المشبّهة ، فتخيّلوا أنّ لله سبحانه صورة غير أنّ الروايات المرويّة عن أئمّة أهل البيت تفسّر الحديث بوجهين مختلفين وإليك بيانهما :
١ ـ قال « محمد بن مسلم » : سألت أبا جعفر عليهالسلام عمّا يروون أنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم على صورته ، فقال : هي صورة محدثة مخلوقة اصطفاها الله واختارها على سائر الصور المختلفة فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه والروح إلى نفسه ، فقال سبحانه : ( بَيْتِيَ ) ( البقرة / ١٢٥ ). وقال سبحانه : ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ) ( الحجر / ٢٩ ) (١).
وعلى هذا يرجع الضمير إلى الله تعالى وتكون الإضافة تشريفية.
٢ ـ قال « الحسين بن خالد » قلت للرضا عليهالسلام : يابن رسول الله إنّ الناس يروون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إنّ الله خلق آدم على صورته » فقال : قاتهلم الله لقد حذفوا أوّل الحديث : إنّ رسول الله مرّ برجلين يتسابّان فسمع أحدهما يقول لصاحبه : « قبّح الله وجهك ووجه من يشبهك » فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا عبد الله لا تقل هذا لأخيك ، فإنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم على
__________________
(١) التوحيد للصدوق : باب أنّه عزّ وجلّ ليس بجسم ولا صورة ، الحديث ١٨ ، ص ١٠٣.