إلى غير ذلك ممّا استعمل فيه النور ، واستعير لغير النور الحسّي لاشتراكهما في الأثر ، وهذا هو الأصل في الاستعارة والتوسّع في الاستعمال.
ولا شك انّ المراد من كون سبحانه نوراً ليس هو النور الحسّي بضرورة العقل والكتاب قال سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ( الشورى / ١١ ). وإنّما المراد هو النور غير الحسّي.
بيان : إنّ الوجود سواء كان واجباً أو ممكناً نور لكون الوجود في كلتا المرتبتين ظاهراً بنفسه ومظهراً لغيره.
أمّا الوجود الامكاني فيظهر به الماهيات فتحقّق به الإنسانية والحيوانية والنباتية والجمادية ، كما أنّ الوجود الواجب ـ مع كونه ظاهراً بنفسه لأجل كونه وجوداً ـ مظهر لغيره ، فانّ العوالم الامكانية متحقّقة به.
وعلى ضوء ذلك فينطبق حد النور الحسّي ( الظاهر بنفسه ، المظهر لغيره ) على الوجود في جميع مراتبه ودرجاته ، غير أنّه كما أنّ للنور الحسّي مراتب ودرجات فهكذا للنور المعنوي أي الوجود مراتب ودراجات ، فإنّ نسبة العوالم الامكانية إلى وجود الواجب كنسبة المعاني الحرفية إلى المعنى الاسمي ، فلو كان للمعنى الحرفي مفهوم في الذهن وتحقّق في الخارج ودلالة في عالم الوضع فإنّما هو ببركة المعنى الاسمي في المراحل الثلاث ، ومثله الوجود الامكاني فلو كان له ظهور بنفسه واظهار لغيره أعني الماهيات ، فإنّما هو بفضل صلته وقوامه بالواجب ، ولولا تلك الصلة لكانت العوالم الامكانية والمعدومات سواسية ، فعليه فالله سبحانه نور السموات والأرض بالحق والحقيقة لا بالمجاز ، ومن فسّره بمنوّر السموات فقد سلب عنه البلاغة العليا وأدرجه في العاديات من الكلام.
قال « العلاّمة الطباطبائي » : « وإذا كان وجود الشيء هو الذي يظهر به ( نفسه ) لغيره من الأشياء كان مصداقاً تامّاً للنور ، ثم لمّا كانت الأشياء الممكنة الوجود إنّما