هي موجودة بايجاد الله تعالى كان هو المصداق الأتمّ للنور ، فهناك وجود ونور يتّصف به الأشياء وهو وجودها ونورها المستعار المأخوذ منه تعالى ، ووجود ونور قائم بذاته يوجد وتستنير به الأشياء ، فهو سبحانه نور تظهر به السموات والأرض وهذا هو المراد بقوله : ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) حيث اُضيف النور إلى السموات والأرض ثمّ حمل على اسم الجلالة ، ومن ذلك يستفاد أنّه تعالى غير مجهول لشيء من الأشياء إذ ظهور كل شيء لنفسه أو لغيره إنّما هو بإظهاره تعالى ، فهو الظاهر بذاته له قبله ، وإلى هذه الحقيقة يشير قوله تعالى بعد آيتين : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ) ( النور / ٤١ ) إذ لا معنى للعلم بالتسبيح والصلاة مع الجهل بمن يصلّون له ويسبّحون ، فهو نظير قوله : ( وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) ( الاسراء / ٤٤ ) (١).
وقال الإمام الطاهر أبو الشهداء الحسين بن علي عليهماالسلام : « أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك ... ».
__________________
(١) الميزان : ج ١٥ ، ص ١٢٢.