الزماني العرضي ، ويكون وعاء عدمه زماناً منتزعاً من عالم قبله وهو أي العالم الذي قبله أيضاً حادث زماني مسبوق بعدمه ، الواقع في عالم ثالث قبل ذاك العالم الثاني ، وليس هذا شيء يخالفه العقل ، بل الهيئة الجديدة ناطقة بأنّ الامر كذلك ، إذ شمسنا التي تدور حولها أرضنا مع بقية الكواكب عندهم عالم من العوالم ، حادث ، مسبوق بعدم واقعي ، قد انقضى الأكثر من عمره وما بقي منه إلاّ صبابة كصبابة الاناء ، وهو مع جميع توابعه مسبوق بعدم واقعي متأخّر عن عالم متألّف من شمس اُخرى مع ما حولها من كواكبها ، وهكذا كلّ كوكب من الثوابت شمس وكم انقضى منها وكم لم يوجد بعد ، وكم من موجود منها لم نشاهده ذلك تقدير العزيز الحكيم.
هذا بالقياس إلى حكم العقل ولم يثبت في الشرع ما يدل على خلافه بل لعل فيه ما يدل على وفاقه من انّ قبل هذا الخلق خلق ، وقبل هذا العالم عوالم إلى ثلاثين ألف ، الكاشف عن كثرتها (١) وقول الحكماء بانحصار العالم المحسوس في هذا العالم من فلك الأفلاك إلى الأرض وقدم أفلاكه مادّة وصورة وأعراضاً حتى بالنسبة إلى أصل الحركة وأصل الوضع إلاّ في جزئيات الحركة والوضع ، قول محض لا شاهد عليه إلاّ حدسيات أبطلتها الهيئة الجديدة.
والثاني أعني مطلق العوالم وجملة ما سواه ، فالحق انّ حدوثه بهذا المعنى شيء لم يتّفق عليه الملّيون ولم يثبت له الحدوث بهذا المعنى في شرعنا المقدّس كيف وقد عرفت ورود ما يدل على وجود العوالم قبل عالمنا وكذا بعد خرابه ، وهو الموافق مع الحكمة ويطابقه العقل الصريح ويلائم مع كونه تعالى دائم الفضل على البريّة وباسط اليدين بالعطية ولا امساك له عن الفيض ، وعلى هذا فيمكن أن يكون
__________________
(١) قال أبو جعفر الباقر عليهالسلام : ولعلّك ترى أنّ الله تعالى إنّما خلق هذا العالم الواحد ، وترى أنّ الله تعالى لم يخلق بشراً غيركم بلى والله لقدخلق الله تعالى الف الف عالم ، وألف ألف آدم ، أنت في آخر تلك العوالم واُولئك الاُمّيين. قال الحكيم السبزواري بعد نقل الحديث : والمراد من العدد الكثرة. « شرح الأسماء الحسنى ص ٢٤٠ ».