التاسع : تعمد الابصار ، أي توجهه (١) نحو المرئى.
العاشر : توسط الشفاف ، على عدم تقدير الخلاء ، وأما على تقدير وجوده فلا يتوسط شيء ، والمصنف قال بوجود الخلاء ، فلا وجه لهذا الشرط عنده.
وعند حصول هذه الشرائط بأجمعها تجب الرؤية ، عند الحكماء والمعتزلة والمحققين ، والتجئوا في ذلك الى الضرورة ، ولانه يلزم من عدم ذلك القدح في سائر القضايا العقلية.
وخالفت الاشاعرة في ذلك ، اذ جوزوا عدم الرؤية عند حصول هذه الشرائط ، محتجين بأنا نرى الكبير صغيرا ، وليس السبب فيه الا رؤية بعض أجزائه دون بعض ، مع تساوي الجميع في الشرائط ، فلو كانت الرؤية واجبة عند حصول الشرائط لرأينا جميع أجزائه ، وكنا نراه على ما هو عليه ، فلا نراه صغيرا بل كبيرا ، والواجدان بخلافه.
والجواب : ان هذا خطأ ، فانا لو جوزنا ذلك للزم أن يكون بين أيدينا جبال شاهقة وأنهار سارية ونحن لا نراها ، وهو سفسطة. وأما ما ذكروه فليس بدال على مطلوبهم ، لوقوع التفاوت في القرب والبعد بالنسبة الى الاجزاء فلهذا أدركنا بعض الاجزاء ، وهي القريبة دون الباقي وهي البعيدة. ويتحقق التفاوت بخروج خطوط ثلاثة من الحدقة الى المرئي : أحدها عمود ، والباقيان ضلعا مثلث قاعدته المرئي ، فالعمود أقصر ، لانه يؤثر زاوية حادة ، والضلعان أطول ، لانهما يؤثران قائمة.
النوع الثاني من أنواع الادراك السماع : وهو يحصل بتموج الهواء الصادر عن قلع أو قرع عنيف ، بحيث ينقلب (٢) الهواء ، فيدفع بعضه بعضا الى أن
__________________
(١) فى «ن» : توجه النفس.
(٢) فى «ن» : ينفلت.