ان قلت : ان ابن داود السجستاني منع من صحته ، والجاحظ طعن في رواته ، فلا يكون مجمعا على نقله.
قلت : نقل أن ابن داود تنصل من القدح فيه وتبرأ مما قذفه به محمد بن جريد الطبري حين خرجه للحديث من سبعين طريقا ، والجاحظ انما طعن في بعض رواته لا فيه ، مع أن خلاف الواحد لا يقدح.
الثاني : أن المراد هنا ب «المولى» الاولى بالتصرف لوجوه :
الاول : أنها مستعملة في ذلك ، كما يقال لسيد العبد «مولاه» أي أولى به ، وكما في قوله تعالى في حق الكفار (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) (١) ، قال أبو عبيدة : أي أولى بكم ، وقال الاخطل في حق عبد الملك يمدحه :
فأصبحت مولاها من الناس كلهم |
|
وأخرى قريش ان تهاب وتحمدا |
وقال المبرد : الولي والمولى بمعنى واحد ، أي الاولى.
وقال الفراء في كتاب معاني القرآن : الولي والمولى بمعنى واحد ، والاصل في الاستعمال الحقيقة.
الثاني : أن لفظة «مولى» وردت لمعان متعددة ، كالاولى بالتصرف كما ذكرنا والسيد وابن العم والجار والحليف والعتق والناصر ، ولا شيء من معانيها سوى الاول بمراد ، فيكون هو المتعين فهو المطلوب وانما قلنا أن ما عدا الاول غير مراد لان فيها (٢) ما هو كاذب عليه ، ومنها ما هو معلوم لكل أحد ، فلا فائدة في أعلامه. ونصب الرجال شبه المنبر في ذلك الوقت في الحر الشديد والاخبار بما هو ظاهر كقوله من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه ، أو من كنت جاره فعلي جاره ، هذا مما لا يقوله ذو بصيرة.
ان قلت : لم لا يجوز أن يكون المراد غير ما ذكرتم ، وهو أن يراد به
__________________
(١) سورة الحديد : ١٥.
(٢) فى «ن» : منها.