وبقولنا «المختص بوصف زائد على حسنه» خرج المباح ، وقولنا «اذا عرف فاعله ذلك» احتراز عن الغافل فانه غير مكلف ، وقولنا «أو دل عليه» ليدخل فيه ما [اذا] لم يعرفه [تفصيلا ، لكن عرفه] اجمالا وقام الدليل عليه.
وأما المنكر فهو القبيح.
الثاني : في لمية وجوبهما فنقول : انهما لطفان في فعل المعروف وترك المنكر ، وكل لطف واجب. أما الكبرى فقد تقدمت. وأما الصغرى فلان المكلف اذا عرف أنه متى فعل المنكر وترك المعروف ، منع منه أو استخف به أو عوقب عليه ، كان ذلك صارفا له عن الاقدام. ولا نعني باللطف الا ذلك ، فيكونان واجبين لذلك ، وهو المطلوب. ولما كان المعروف منقسما الى واجب وندب كان الامر بالواجب لطفا فيه ، فيكون واجبا كوجوبه لما بيناه ، والامر بالندب (١) لطفا فيه ، فيكون مندوبا كندبه.
وأما المنكر فلا ينقسم ، فالنهي عنه واجب مطلقا.
الثالث : في طريق وجوبهما هل هو السمع لا غير أو العقل والسمع معا؟ قال شيخنا أبو جعفر الطوسي (رحمهالله) بالثاني ، لانهما لطفان كما تقدم وكل لطف واجب.
وقال السيد المرتضى وأبو الصلاح وسالم بن عزيزة بالاول ، واختاره المحقق في تجريده والمصنف (رحمهالله) في أكثر كتبه ، واستدل عليه بما تقريره أن نقول : لو وجبا عقلا لزم : اما كون الباري تعالى مخلا بالواجب ، أو وقوع كل معروف وارتفاع كل منكر ، واللازم باطل بقسميه فالملزوم مثله.
بيان الملازمة : أن الواجب العقلي عام لا يختلف باختلاف الفاعلين ، لانه يجب لوجه وجوبه ، ووجه وجوبه عام ، فيكونان واجبين عليه تعالى ، كوجوبهما
__________________
(١) فى «ن» : بالمندوب.