الرجل ، فقالوا : لم لا تسلم علينا؟ فقال لهم الراكب : ينبغى أن يسلّم على الراجل ، فقال بعضهم لبعض : إنه يشبه أن يكون حكيما ، فقالوا له : وقعت لنا مسألة فأردنا أن نتحاكم إليك فيها ، فقال لهم : احفظوا حمارى إذا لئلا يشتغل قلبى ، وقعد ، فذكروا له المسألة فقال : شر الثلاثة الخلق السوء ، لأن المرأة يمكن أن يتخلص منها بالطلاق ، والجار السوء يرجى الخلاص منه بالغيبة والفراق ، والخلق السوء معك أينما كنت ، فاستحسن الأمير ذلك وقال : سل حاجتك ، فقال الرجل : إنى لا أريد أن أتحكم عليك فى خزائنك ، ولكن أسألك حاجة لو قضيتها نفعتنى ولم تضرك ، فقال : وما هى؟ فقال : إن النيروز والمهرجان (١) قريب منا ، والناس يبعثون إليك الهدايا ويتحفونك بها ، فناد فى البلد : إنى لا أقبل من أحد هدية إلا مع جرة من عملى لأبيع ذلك بحكمى.
فاستحسن الأمير ذلك وأجابه إليه ، وأمر حتى نودى فى البلد بما قال ، فكل من طلب منه جرة قال : لا أبيع إلا بدينار واحدة ، فكان الناس يشترون ، وكان للأمير وزير فارسى فقيل له : إن هذا الرجل يبيع جرة بدينار ، فقال : إنها تساوى نصف درهم فليأخذ منا درهما أو درهمين ، فأتاه الرسول وأخبره بقول الوزير ، فقال الرجل : لا تشتر إن لم ترد ، فأعاد عليه الرسول فى اليوم الثانى فقال : تعالى وخذ الدينار ، فقال : لا أبيع إلا بمائة دينار ، فحرد الوزير وقال : بالأمس لا أعطيك دينارا واليوم أعطيك مائة ، فقال : لا تشتر إن لم ترد ، فصبر ذلك اليوم ، فلما كان اليوم الثالث لم يجد بدا من الجرة فأرسل إليه وقال : تعال وخذ الذهب ، فقال : لا أبيع إلا بألف دينار ، فزاد غضبه وأبى أن يشترى ، فلما كان الغد كان ذلك يوم العيد ، وكانت العادة ألا يرسل أحد هدية قبل الوزير ،
__________________
(١) من أعياد الفرس.