والفقر على الغنى ، ويستريح إلى عدم الأسباب بدل ما كان يستأنس أمثاله بالأعراض والأسباب.
وفى معناه يحكى عن عطاء السلمى أنه بقى سبعة أيام لم يذق شيئا من الطعام ولم يقدر على شيء ، فسر قلبه لذلك غاية السرور ، وقال : يا رب إن لم تطعمنى ثلاثة أيام أخر لأصلين لك ألف ركعة.
وقيل : إن فتحا الموصلى رجع ليلة إلى بيته فلم يجد عشاء ولا سراجا ولا حطبا ، فأخذ يحمد الله تعالى ويتضرع إليه ويقول : إلهى ، لأى شيء وبأى وسيلة واستحقاق عاملتنى بما تعامل به أولياءك.
وأما من علم أنه حسيب بمعنى محاسب علم أنه يطالبه عذابا للصغير والكبير ، ويحاسبه على النقير والقطمير ، فعند ذلك يحاسب نفسه قبل أن يحاسب ، ويطالب قلبه بالقيام بحقوقه قبل أن يطالب ، فإن الله تعالى حكم بأنه لا يزول قدم العبد حتى يسأل عن حركاته وسكناته وجميع حالاته.
يحكى عن إبراهيم بن أدهم أنه قال : كنت ببيت المقدس ليلة فبت تحت الصخرة خاليا ، فلما كان بعد هدء من الليل إذا أنا بملكين نزلا من السماء فقال أحدهما لصاحبه : من هاهنا؟ قال : إبراهيم بن أدهم ، فقال الّذي نقص من درجاته درجة؟ فقال الآخر : ولم؟ قال : لأنه اشترى بالبصرة تمرا فوقع من تمر صاحب الدكان على ما اشتراه تمرة بغير علمه فنقص من درجاته درجة ، قال إبراهيم : فلما أصبحت حولت وجهى إلى البصرة وأتيتها ، واشتريت من صاحب الدكان تمرا ثم ألقيت على تمره تمرة واحدة وانصرفت إلى بيت المقدس ، وبت تحت الصخرة ، فلما كان بعد ساعة من الليل رأيت ملكين نزلا من السماء فقال أحدهما لصاحبه : من هاهنا؟ قال : إبراهيم بن أدهم ، فقال الآخر : الّذي ردت درجته إلى ما كانت عليه.