حكى عن عمرو بن عثمان المكى أنه قال : دخلت على مريض أعوده وهو شاب فقير ، وكان معنا جماعة من الفقراء ، فلما قعد عمرو قال الفتى : يا أستاذ ، هل فيهم من يقول شيئا؟ فأشار عمرو على واحد منهم فقال القوال :
ما لى مرضت فلم يعدنى عائد |
|
منكم ويمرض عبدكم فأعود |
وأشد من مرضى عليّ صدودكم |
|
وصدود من أهوى عليّ شديد |
فلم يزل الفتى يتعاطى القول وهو يقول حتى استوى قاعدا وخرج معنا ، فسئل عمرو عن حالته ، فقال : إن السماع إذا سمع والإشارة عن قبل أحيى ، وإذا كانت الإشارة من بعد قتلت.
فتبين بهذا أن فى السماع إحياء وقتلا وإثباتا ومحوا ، وإن كان الناس عما هم فيه غافلين.
ومن أعظم ما ينعم الله على عباده حفظه عليهم توحيدهم ودينهم حتى لا يبدلوا ولا يزيفوا ، إذ لو لا لطفه وإحسانه لضلوا وارتدوا.
يحكى أن رجلا ببغداد كان يسمى صالحا أذّن فى المسجد أربعين سنة ، فصعد المنارة يوما فأذن فأشرف على دار نصرانى فرأى فيها امرأة جميلة افتتن بها ، فنزل ودخل دار النصرانى واعتنقها ، فسألته عن حاله فقال : إنه عشقها ، فقالت : لا سبيل لك إلى حتى يدخل والدى فيزوجنى منك ، وحتى تدخل فى دينى ، قال : فتنصر الرجل وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، وقصد المرأة فدخلت بيتا وردت الباب ، فأشرف الرجل على السطح وسقط فى صحن الدار ومات على النصرانية ، ففقد الدين ولم يصل إلى الأمنية ، وخسر الدنيا والآخرة ، فنعوذ بالله من مكره ، وفجئات نقمه ، ونسأله أن يختم لنا بالخير برحمته.