تخبز ومعها صبى لها ، فقيل لها : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمر ، فجاءته وقالت : يا رسول الله ، بلغنى أنك قلت : إن الله سبحانه أرحم بعباده من الأم الشفيقة بولدها ، أفهو كما قيل لى؟ فقال : نعم ، فقالت : إن الأم لا تلقى ولدها فى هذا التنور ، فبكى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وقال : إن الله لا يعذب إلا من أنف أن يقول لا إله إلا الله ، ومن رحمته سبحانه بعباده أن يصونهم عن موجبات عقوبته ، فإن عصمته عن الزلة أبلغ فى باب الرحمة من غفران المعصية ، وربما يرحم عباده بما يكون فى الظاهر مشقة وشدة ، وهو فى الحقيقة نعمة ورحمة.
وقد روى فى بعض الأخبار أن العبد يدعو الله تعالى فيقول الله سبحانه : يا جبريل ، قد قضيت حاجة عبدى ، وقد أجبت دعاءه ، ولكن احبس عنه حاجته فإنى أحب أن أسمع صوته ، وكم من عبد يرحمه الخلق لما به من الضر والفاقة وسوء الحالة ، وهو فى الحقيقة فى غاية الرحمة تغبطه الملائكة فى حالته ، والناس يرقون له لظاهر محنته.
ويحكى عن بعضهم أنه قال : مات فقير فكنت أغسله ، فرأيت فى عنقه بين الجلد واللحم طوبى لك يا غريب ، وكم من عبد يظهر عليه اليوم آثار زلته وهو فى سابق علمه بل رحمته وحكمه من خواص عباده.
يحكى عن بعضهم أنه قال : كان فى جيرانى إنسان شرير فمات فرفعت جنازته فتنحيت عن الطريق لئلا أحتاج إلى الصلاة عليه فرئي فى المنام على حالة حسنة ، وكان اسم هذا العبد أيوب ، فقال له هذه الرائى : ما فعل الله بك؟ فقال : غفر لى وقال لى : قل لأيوب : (لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) (١).
__________________
(١) الإسراء : ١٠٠.