ولا وقع لبعض الابحاث الواردة في المقام مثل الاشكال الذي أورده بعض علماء العربية والأصول من وجود المناقضة بين ان يقول اكرم العلماء وأن يقول بعده إلّا زيدا. ثم تصدوا في رفعه ودفعه. فقال بعضهم ان في قوله له عندي عشرة إلّا خمسة من ان خمسة لها اسمان أحدهما خمسة والآخر عشرة إلّا خمسة وهذا من عجيب الاضحوكة وبعضهم على أن العام قد استعمل في أول الأمر في ما عدى الخاص والمستثنى والقرينة عليه هو وجود الاستثناء والخاص بعد ذلك. وبعضهم (عصام الدين من محققي العربية) قال : انّه قد خرج الخاص أولا ثم حمل الحكم على المستثنى.
أقول. دعوى استعمال الموضوع في ما عدى الخاص أو اخراج الخاص قبل الحكم بعموم المستثنى. ليس معناها إلّا الاخراج عن ذات الموضوع وسلب الموضوع عن العموم صحيح. وهذا لا معنى له والتخصيص لا يتوقف على استعمال الموضوع ابتداء في غير المعنى الحقيقي فالخروج عن موضوعيّة الموضوع عين الخروج عن الحكم وهو كما ترى. والتخصيص غير مناقض لصدر الكلام وهذه الوساوس ليس إلّا من جهة التصرف في الموضوع ولكن الجواب الصحيح هو انّ الحكم مراعي الى تمام الكلام. فعلى هذا فقد استعمل اللفظ في معناه الحقيقي وله الصلاحية للتخصيص ولاستقراره على ظاهره.
وظهر أيضا انه لا مجال لترديد القوم في انّه هل يوجد اللفظ الموضوع للعام أو لا؟ اذ اللفظ موجود ولكن العموم المقصود ليس هو الموضوع والقول بالاشتراك وغيره لا معنى له بل ان عموم الحكم لا يحتاج الى وضع لفظ.
ثم ان هنا بحثا آخر وهو انّ عموم الحكم كما عرفت متولد من عموم الموضوع ولكن ذلك قد لا يكون كذلك كالنكرة الواقعة في سياق النفي فإنّه مفيد للعموم مع ان مفاد النكرة واحد اثباتا ونفيا إلّا أن عموم الحكم باعتبار السلب عن فرد بعينه لا يصدق إلّا بسلب جميع الافراد وهذا واضح في (ما رأيت رجلا ـ ورأيت رجلا)