والمتحصل ان عموم الحكم لا يعقل كونه ناظرا الى الأفراد المشتبه فلا مناص من هذه الجهة سوى التوقف اذ لا يعلم ان هذا المصداق المشتبه هل هو من الافراد الواقعية أو من الافراد التي هي في طول الافراد الواقعية. ومن هنا يظهر ان التفصيل الذي ذهب اليه صاحب الكفاية (١) بين المخصص المتصل والمنفصل والحكم بالدخول تحت العام في الأول دون الثاني أو التفصيل بين المخصّص اللفظي أو اللبي. كل ذلك لا وجه له. وقد استشهد قدسسره به من أنه لو قال المولى اكرم جيراني مع وجود المخصص اللبي بأن لا يكون الجار عدوا له فإذا اشتبه جار بين كونه عدوا أو صديقا وترك العبد اكرامه ان للمولى مؤاخذة العبد على عدم اكرامه مع عدم علمه بأنه عدوّ له. أقول. هذا أمر صحيح ولكن ليس الوجه فيه كون المخصص لبيا فإنّ ذلك يجري بعينه في المخصص اللفظي كما اذا قال اكرم جيراني ولا تكرم أعدائي منهم بل الوجه فيه ان هذا من باب الاقتضاء والمنع فإنّه اذا ورد وصف في الموضوع فهو اما مناط وملاك للحكم أو معرف صرف من غير دخل في الملاك أو منبّه على عموم الحكم فيما اذا توهم كون صفة مزيلا للحكم كما تقول تجب الصلاة على المريض في مورد توهم عدم وجوبها عليه.
فإذا قال المولى اكرم جيراني فمن المعلوم ان الحكم بالاكرام إنّما هو باعتبار الجوار فالمقتضى للحكم هو المجاورة والعداوة مانع عنه والمولى لم يقل اكرم جيراني اذا كانوا أصدقائي فلو استثنى وقال اكرم جيراني إلّا أن يكونوا أعدائي فهذا مما يدعوا الى الحكم بأن الجوار مقتض والعداوة منشأ للمنع.
وبعبارة أخرى. انه اذا قال اكرم جيراني ولا تكرم أعدائي فالفرد الفلاني إمّا معلوم الصداقة أو معلوم العداوة أو مشكوكهما فإذا صرح بعدم اكرام العدو ومنع عنه فيعلم انّه قد جعل الصداقة مقتضيا مطلقا للاكرام فقد تحصل من ذلك كله ان في
__________________
(١) كفاية الأصول ـ ص ٢٢٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.