المقصد الثاني في الظن
قد عرفت أن الشيخ قدس الله أسراره قسم المكلف الى قاطع وظان وشاك (١) وقد مرّ هناك أن الأولى أن يعبّر بالعلم دون القطع والكلام هنا إنّما هو في الظن فنقول من باب المقدمة أن الحجية ذاتية للقطع كما سبق في محله فلا تناله يد الجعل لا اثباتا ولا نفيا وإلّا لزم الدور والتسلسل والتناقض.
وأما الشك فجعل الحجية له غير معقول ضرورة تساوي نسبته الى طرفيه وجعل الحجية بالنسبة الى طرفيه تناقض والى طرف واحد ترجيح بلا مرجح.
وأما الظن فهو باعتبار أنّه رجحان أحد الطرفين فليس حاله حال القطع من كون الحجية ذاتية له ولا مثل الشك في امتناع جعلها له ومع ذلك فقد قسم الشيخ أمر الظن الى قسمين أحدهما امكان التعبد به وعدمه وقد نسب الى بعض امتناعه (٢) وسيجيء الكلام فيه وثانيهما انّه بعد فرض الامكان فهل هو واقع شرعا أم لا؟ ولا بدّ أولا من بيان معنى الحجة وشرح حقيقتها ثم النظر في المقصود. فنقول :
إنّ الحجة عبارة عن الواسطة في الاثبات والمراد هو الثبوت الذهني لا الخارجي الذي بمعنى الايجاد اذ لو كان المقصود هو الايجاد الخارجي للزم اختصاصه باللمى ولما صح التعميم بينه وبين الإنّي فإنّ العلة هي الواسطة في الايجاد لا المعلول
__________________
(١) فرائد الأصول : مبحث القطع ، ج ١ ص ١.
(٢) فرائد الأصول : مبحث الظن ، ج ١ ، ص ١٠٦.