كما مر مرارا أن الطريقية ليست ذاتية للظن بل الشك إنّما هو في أن الطريقية هل جعلت للظن وعرضته أم لا والأصل العدم.
ومنها ـ ان الأمر في المقام يدور بين وجوب تحصيل مطلق الاعتقاد بالأحكام الشرعية المعلومة اجمالا وبين وجوب خصوص الاعتقاد القطعي فيرجع الى الشك في المكلف به ويتردد بين التعيين والتخيير فالحكم هو تعيين خصوص الاعتقاد القطعي تحصيلا لليقين بالبراءة خلافا لمن لم يوجب ذلك في مثل المقام.
ويردّ هذا ـ أولا أن مرحلة الامتثال يرجع حكمها الى العقل لا الشرع بمعنى ان الأحكام المولوية التي هي الأحكام الأولية من الوجوب الفعلي والحرمة الفعلية كلها راجعة الى المولى فإذا ثبتت من ناحيته فالحاكم بتحصيل البراءة والخروج عن عهدتها هو العقل ولو كان للشارع أمر فهو ارشاد الى حكم العقل ضرورة انه لو كان الامتثال أيضا راجعا الى المولى لزم التسلسل في الأمر وفي الاطاعة فالحكم عقلي ولا مجال للترديد والتأمل فيه بل ليس إلّا قطعيا فإما أن يحكم بتحصيل الاعتقاد القطعي رأسا وإما ان لا يحكم كذلك قطعا فما لم يحرز الموضوع عند العقل لم يكن له حكم فالترديد في المقام لو كان حكما شرعيا فلا مجال لأن يأمر الشارع بالاعتقاد القطعي أو الظني لكن تحصيل الاعتقاد لا يرجع إلّا الى العقل والعقل ليس في موضوع حكمه تردد ـ وثانيا ـ انّك قد عرفت مما قدمنا ان هذا الكلام خارج عن محل البحث فإن الشك في تحصيل الاعتقاد وعدمه مسبب عن حجية الظن وعدمها فليس الترديد ابتدائيا بل هو مسبب عن الحكم الوضعي فإن كان حجة فيكفى تحصيل البراءة الظنية وإلّا فلا فهذا هو السبب في ذلك فإن جرى الأصل في السبب لم تصل النوبة الى جريانه في المسبب وقد ذكرنا أن الأصل عدم حجية الظن فلا وجه للترديد بين تحصيل الاعتقاد القطعي أو الظني في دوران الأمر بين التعيين والتخيير حتى يقدم التعيين أو لا.