والاستحسانات.
ولا يخفى ان كلا من الايرادين في معرض المناقشة ـ أما الأول ـ فلأنه وإن كانت أصالة الحقيقة والعموم والاطلاق من الظواهر في حد أنفسها إلّا انّه قد يكون بعض التراكيب موجبا للغموض والخفاء كما في تركيب المتون والمختصرات فإنّها وإن كانت للافادة والاستفادة إلّا ان من أراد بيان شيء بصورة الاجمال والاختصار فلا يكون بيانه حينئذ كالمفصل المشروح واضحا مبينا بل يعرضه بسبب الاختصار قناع وغطاء فلذا ترى انّه قد تتحير الافهام احيانا في فهم المراد منها بحيث تجول يمينا وشمالا فكشف القناع والمغطى لا ينحصر بالتأويل فيشمل قوله عليهالسلام من فسر القرآن برأيه الخ للمقام فإنّ التفسير هو الكشف ـ وأما الثاني ـ فلأن القياس والاستحسان إنّما هو في مورد جعل الحكم وأما في مورد التفسير فلا يعملون بهذه القواعد المقبولة لديهم بل إنّما يرجعون الى ظواهر الألفاظ والقواعد العربية بل ولا محل للقياس في مورد التفسير ـ أما توجيه هذه الأخبار المذكورة اليهم والطعن والاعتراض عليهم فإنّه من جهة ان العامة لم يراجعوا مصادر الوحي وأوصياء النبي صلى الله عليهم أجمعين في مورد تفسير كتاب الله المجيد والفرقان الحميد بل اقتنعوا بزعمهم بالقواعد الأدبية والاشتقاقات والتركيبات مع ان القرآن بمكان عظيم من الغموض والخفاء وقد عيّن الله له تراجمة عليهم من الله السلام والثناء فالعامّة من تلك الجهة في الخطاء والضلال فإن أصابوا لم يؤجروا وان أخطئوا سقطوا أبعد ما بين السماء والأرض (كما في الحديث الشريف) (١) ـ فقد أطبق عليهم الخطاء وعلى سمعهم وبصرهم الغشاء لكن العمل بالقياس ليس تفسيرا بل هو جعل الحكم كما عرفت ويؤيد ما ذكرنا كله مكالمة الامام مع أبي حنيفة وقتادة فراجع.
__________________
(١) تفسير العياشي ـ المجلد الأوّل ـ المقدمة.