فلا جناح ولا بأس بهما دفعا لتوهم المنافاة وهذا لا ينافي الوجوب والالزام (١).
وهكذا الحال في مسئلة السفر وانّ البناء على التخفيف ولقد كان يتوهم بعضهم انّ القصر مناف لفرض التكليف فقال الله تعالى : لا جناح عليكم ان تقصروا من الصلاة ليعلموا ان القصر والتخفيف غير منافيين لغرض التكليف. فهذا أيضا وارد في مورد توهم الخلاف.
إنّما الكلام ـ في انّه اذا كان التكليف هو قصر الصلاة فقد انقلب أصل التكليف بالتمام الى التكليف بالقصر فلم يصح الصلاة منه تماما اذا كان جاهلا بالقصر مع انّ زيادة الركن مبطل مطلقا ومع ذلك فقال عليهالسلام : تمت صلاته (٢) وفسّره بعضهم بالجاهل القاصر.
وقد قيل في الاجابة على هذا السؤال وجوه أحسنها ان يقال :
انّ الاتمام الذي هو الوضع الأوّلي للصلاة في محل الكلام ما زال موضوعه بل هو باق بحاله وانّ القصر ليس وضعا آخر بل القصر والتمام هما موضوع واحد وأمر فارد فهما كيفيتان لصلاة واحدة لا في الموضوع فليسا موضوعين حتى يكون قد أتى
__________________
(١) ولعل هنا وجها آخر في آية الحج وهو ان تشريع السعي بين الصفا والمروة إنّما هو في ضمن عمل الحج والعمرة وبعد وقوع الطواف وحينئذ يرتفع المانع من اتيان السعي وأما قبل الطواف بالبيت فلا شرعية للسعي فإذا وقع قبله وجب أعادته وهكذا ليس السعي عبادة مستقلة كما يزعمه اليوم أيضا بعض العوام فيسعون بالصفا والمروة رأسا لا في ضمن عمل الحج أو العمرة وعلى هذا فلا جناح لا ينافى أصل وجوبه بل إنّما تشير الآية الى أن السعي بنفسه أو قبل الطواف فيه بأس وجناح.
(٢) وسائل الشيعة ب ٣٣ من المجلد الخامس ص ٥٤١ الحديث الأول.
وفيه قال عليهالسلام : تمت صلاته ولا يعيد. هذا ولا يخفى انّه لو كان المراد هذه الرواية التي أشرنا إليها فهي لا تدل على مطلب الأستاذ المحقق قدسسره وذلك لورودها في مقام آخر وإن كان أصل ما ذكره قدسسره مسلّما فراجع أصل الرواية في مصدره المذكور. المقرر