وعلى هذا فإذا علم أن العلم هو العلم العادي وهذا علم عرفا وان لم يكن تحقيقا إلّا أنه ملحق بذلك في الاعتبار بحكم العرف والعقلاء وانّه لا فرق بين زمان السيد وزماننا حيث انحصر المستند في هذه الأخبار ولم يقع فيها تصرف فالقول بالانفتاح بهذا المعنى في محله أي وصلت بمرحلة الاطمينان وسكون النفس فالمقدمات من حيث الطريقية قطعية بهذا المعنى. فلا اشكال في مرحلة السند.
وأما في مرحلة الدلالة. فالحال فيها بعين ما سبق لعدم الفرق في ذلك بين زماني الانفتاح والانسداد بالنسبة الى المداليل كأصالة الاطلاق والعموم والحقيقة ونحو ذلك حيث أنها كانت وهي لا تزال موجودة بأيدينا وما يقال من الابتناء على الظن النوعي فإطلاقه محل نظر فان مرجع أصالة الاطلاق والعموم والحقيقة الى الأخذ بالمقتضى وعدم الاعتناء بالمانع (١) وهكذا غيرها فلا ابتناء على الظن لا في الطريق ولا في الدلالة فاشكال أخذ العلم غير وارد من أصله وأساسه. والتعبير بالظن النوعي ليس إلّا مجرد عبارة حيث قالوا ان معناه انه لو خلى وطبعه كان مفيدا للظن. وفيه انه لو خلى وطبعه يفيد العلم فانّه اذا زال المانع كالتقييد والمجاز والخاص فيبقى العام والاطلاق والحقيقة مفيدة للعلم.
ولو سلمنا ورود الاشكال على التعريف ولكن نقول : ان الفقه علم ليس إلّا ودعوى انسداد باب العلم لا توجب على فرض صحتها زوال معنى الفقه فانّه حين
__________________
(١) هذا على المبنى الذي اختاره سيدنا الأستاذ المحقق قدسسره وفاقا لأساتيذه العظام وتبعا للشيخ العلامة المدقق المرحوم الشيخ محمد هادي الطهراني النجفي (من أكابر تلاميذ الشيخ الأعظم الأنصاري الكبير) قدس الله أسرارهم حيث جعلا قاعدة المقتضى والمانع أصلا ومبنى لهما في جلّ أبواب الأصول سواء مباحث الألفاظ والأصول العلميه. راجع كتبهم الأصولية كمحجة العلماء للشيخ الطهراني والقواعد الكلية والمقالات للأستاذ المحقق وغير ذلك وفي هذا الابتناء نقود وبحوث ليس هاهنا محل ذكرها.