هو المستند له؟
قلت. ان الاستعمال في هذه الموارد لا يخلو عن أحد وجوه ثلثه. فإنّ بعضها حقايق من دون أي تجوز وبعضها من الاستعارة المقيدة والبعض الآخر تجوز في الاسناد. أما الأول فكقوله سبحانه وتعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ)(١) فبما انّه لا يمكن جعل جميع الاصبع في الأذن سوى الأنملة ذهبوا الى ان ذلك مجاز بعلاقة استعمال الكل في الجزء ولكنك خبير بأنّ في تعلق شيء بشيء على وجه الحقيقة لا يلزم سوى أدنى تلبس وإلّا لزم ان يكون قولك رفست فلانا برجلي وضربته بيدي ولطمت وجهه مجازا مع ان هذه حقايق ولم يجعلوها من باب استعمال الكل في الجزء وأما الثاني فكقول الشاعر : أسد علىّ وفي الحروب نعامة فإنّ الشباهة بالأسد في الشجاعة حيث اختصت هنا بمورد خاص فلا بد من ذكره مع قيده وهكذا الحال في عين القوم ولسان القوم وسيف الله ويد الله وأسد الله فانّ الملاك فيها وفي أمثالها واحد وهو اختصاص الشباهة بمورد خاص والاستعارة المقيدة لا تخص علاقة الجزء والكل والدليل عليه صحة قولك عين الله وسيف الله ونحو ذلك مما مرّ وكذا لا تكون صحة الاستعمال دائرا مدار الجزء وإلّا لم يصح قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عليّ منّي بمنزلة هارون من موسى (٢) أو علي هارون محمد صلىاللهعليهوآله بل يدور مدار أمر قد ينطبق على الجزء والكل احيانا وقد ينطبق على غير ذلك وأما الثالث فمنه عتق الرقبة وفك رقبة وملك رقبة وتحرير رقبة والاستعمال في هذا القسم لا يكون مطردا وان كان الجزء رئيسيا ينتفي بانتفائه الكل فإنّ هذه الصفة غير مختصة بالجزء بل تترتب على فرى الأوداج وأخذ الدم ونحوهما أيضا مع ان الاستعمال فيها غير صحيح. واذا بلغ الكلام الى هنا
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٩.
(٢) حديث المنزلة. المتواترة في كتب الفريقين فراجعها.