بينهما والحال والملكة والحق انّها ليست معاني متعددة للفظ واحد والعجب انهم قد جعلوا هذه خصوصيات مستقلة. بل ان للعلم معنى جامعا والمذكورات مصاديقه أما الادراك فليس معنى له اذ الأصل فيه هو الوصول كما في الحديث من أدرك من الوقت ركعة فقد أدرك الوقت كله وفي الدعاء يا مدرك الهاربين والصبي بلغ وأدرك أي وصل الى حد التكليف وأما اطلاقه على العلم فانّما هو باعتبار الوصول المعنوي في قبال الجاهل البعيد عن الحقائق فالادراك منطبق على العلم لا ان العلم هو الادراك. وأما اليقين والعرفان فهما قسمان من العلم اذ الانكشاف قسمان ثبوتي وتميزي فان الشيء قد يكون مبهما غير متميز عن غيره فلمّا ارتفع الابهام وحصلت المعرفة به صار متميزا فالعرفان هنا راجع الى الانكشاف التميزي وأما في القضايا كقولك زيد عادل فما لم يثبت كان مبهما مترددا بين ثبوتها له وعدمه واذا انكشف انكشف ثبوتها له والجامع هو الانكشاف وهكذا الحال في الملكة والحال بل هو أعجب فيهما فانّه لو كان العلم راسخا كان ملكة وإلّا كان حالا ولا معنى لتوهم انّهما معنيان.
وأما الصورة الحاصلة. فهذا باطل برأسه فانّ العلم لغة هو الانكشاف في مقابل الجهل ولا يصح ان يقال علمت بمجرد تصور شيء وإلّا لكان كل جاهل عالما بمسائل الفقه لتصوره الحلال والحرام. نعم. قد توهم التفتازاني ان هذا المعنى للعلم اصطلاح المنطقيين وان العلم هو الصورة الحاصلة من الشيء فادرج فيه الظن والشك والوهم بل وحتى الجهل ـ ولكن لا يخفى أن تبديل المنطقي المعنى من عام الى خاص أو بالعكس انّما هو باعتبار ان المفهوم عنده غير مطابق للمفهوم اللغوي وإلّا فلو كانا مطابقين لم يجز التبديل ومن المعلوم ان موضوع البحث للمنطقي هو المعرّف والحجة ولذا ليس مجرد تصور المنطق هو الصورة الحاصلة فان التصور نظري وضروري وإلّا فلو كان التصور هو الخطور لكان خطور الملك والجنّ بديهيا والحال ان المعرفة هو الحقيقة بمعنى أن حقيقتهما مخفية. وأما الحرارة والبرودة فحقيقتهما واضحة. والحاصل